تتمة: [15] التنكير في قوله عليه السلام: " وجعلك آية من آيات ملكه "، يمكن أن يكون للنوعية، كما قالوه في قوله تعالى: * (وعلى أبصارهم غشاوة) * (1) (2)، والأظهر أن يجعل للتعظيم.
فإن قلت: احتمال التحقير أيضا قائم، وهذا كما قالوه في قوله تعالى:
* (إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمان) * (3): إن التنكير فيه يحتمل التعظيم والتحقير معا، أي عذاب شديد هائل، أو عذاب حقير ضعيف، فلم طويت عنه كشحا!؟.
قلت: الاحتمالان في الآية الكريمة متكافئان بحسب ما يقتضيه الحال، فلذلك جوزهما علماء المعاني من غير ترجيح، بخلاف ما نحن فيه، فإن الحمل على التحقير وإن كان لا يخلو من وجه - أيضا - نظرا إلى ما هو أعظم منه من آيات ملكه جل شأنه، إلا أن الحمل على التعظيم كأنه أوفق بالمقام، وأنسب بمقتضى الحال، فلذلك ضربت عن ذكره صفحا.
وإن أبيت إلا أن تساوي الأمرين في ذلك فلا مشاحة معك، وللناس فيما يعشقون مذاهب.
وقوله عليه السلام: " وامتهنك... " إلى آخره، مبين ومفسر للآية والعلامة، وكون إحدى الجملتين مبينا ومفسرا لبعض متعلقات الأخرى لا يوجب كمال الاتصال بينهما المقتضي لفصلها عنها، إنما الموجب له أن تكون الثانية مبينة وكاشفة عن نفس الأولى، كما في قوله تعالى: * (فوسوس إليه الشيطان قال