قال العلامة في التذكرة: إن الأرض كرة، فجاز أن يرى الهلال في بلد ولا يظهر في آخر; لأن حدبة الأرض مانعة لرؤيته، وقد رصد ذلك أهل المعرفة، وشوهد بالعيان خفاء بعض الكواكب الغريبة لمن جد في السير نحو المشرق وبالعكس (1)، إنتهى كلامه زيد إكرامه [10 / أ].
وقال فخر المحققين في الإيضاح: الأقرب أن الأرض كروية; لأن الكواكب تطلع في المساكن الشرقية قبل طلوعها في المساكن الغربية، وكذا في الغروب.
فكل بلد غربي بعد عن الشرقي بألف ميل يتأخر غروبه عن غروب الشرقي بساعة واحدة.
وإنما عرفنا ذلك بأرصاد الكسوفات القمرية، حيث ابتدأت في ساعات أقل من ساعات بلدنا في المساكن الغربية، وأكثر من ساعات بلدنا في المساكن الشرقية، فعرفنا أن غروب الشمس في المساكن الشرقية قبل غروبها في بلدنا، وغروبها في المساكن الغربية بعد غروبها في بلدنا، ولو كانت الأرض مسطحة لكان الطلوع والغروب في جميع المواضع في وقت واحد.
ولأن السائر على خط من خطوط نصف النهار على الجانب الشمالي يزداد عليه ارتفاع القطب الشمالي وانخفاض الجنوبي، وبالعكس (2)، انتهى كلامه رفع الله مقامه; وهو خلاصة ما ذكره صاحب المجسطي، وغيره في هذا الباب.
ولا يخفى أن قوله رحمه الله: ولأن السائر، إلى آخره، من تتمة الدليل; لأن اختلاف المطالع والمغارب لا يستلزم كروية الأرض بل استدارتها فيما بين الخافقين فقط، فيتحقق لو كانت أسطوانية الشكل مثلا كما لا يخفى.
ولنشرع الآن في شرح الدعاء.