والقمر كل في فلك يسبحون) * (1)، فإن الواو والنون لا تستعمل حقيقة لغير العقلاء.
وقد أطبق الطبيعيون على أن الأفلاك بأجمعها حية ناطقة عاشقة، مطيعة لمبدعها وخالقها، وأكثرهم على أن غرضها من حركاتها نيل التشبه بجنابه، والتقرب إليه جل شأنه، وبعضهم على أن حركاتها لورود الشوارق القدسية عليها آنا فآنا، فهي من قبيل هزة الطرب والرقص الحاصل من شدة السرور والفرح.
وذهب جم غفير منهم إلى أنه لا ميت في شئ من الكواكب أيضا، حتى أثبتوا لكل واحد منها نفسا على حدة تحركه حركة مستديرة على نفسه، وابن سينا (2) في الشفاء مال إلى هذا القول ورجحه (3) وحكم به في النمط السادس من الإشارات (4)، ولو قال به قائل لم يكن مجازا، فإن كلام ابن سينا وأمثاله وإن لم يكن حجة يركن إليها الديانيون في أمثال هذه المطالب، إلا إنه يصلح للتأييد.
ولم يرد في الشريعة المطهرة - على الصادع بها وآله أفضل الصلوات وأكمل التسليمات - ما ينافي ذلك القول، ولا قام دليل عقلي على بطلانه.
وإذا جاز أن يكون لمثل البعوضة والنملة فما دونها حياة، فأي مانع من أن