وبعده صديقه وعمرا (ويوم مهران ويوم تسترا) والجمع من صفينهم والنهرا هيهات ما أطول هذا عمرا (1) ومنهم: الحارث بن مضاض الجرهمي (2)، عاش أربع مائة سنة، وأدرك الإسلام ولم يسلم، وقتل يوم حنين، وهو القائل، شعر:
حرب عوان ليتني فيها جدع.........................
وإذا كان ما ذكرناه من أعمار هؤلاء معلوما لكل سامع للأخبار، وفيهم أنبياء صالحون وكفار معاندون وفساق معلنون، سقط دعوى خصومنا كون عمر الغائب خارقا العادة، لثبوت أضعاف ما انتهى إليه من المدة لأبرار وفجار.
على أن خرق العادة على غير الأنبياء عليهم السلام إنما يمنع منه المعتزلة وإخوانها الخوارج إذا تكاملت فيه شروط المعجز، وطول عمر الحجة عليه السلام خارج عن قبيل الإعجاز بغير شبهة، لانفصاله من دعواه، بل هو مستحيل (3)، لأن تأخر الدعوى ومضي العمر الخارق للعادة لا يؤثر شيئا، لوجوب تقدم الدعوى بخرق العادات المفعول للتصديق عقيبها، وتقدم الدعوى بطول العمر لا يجدي شيئا، لتعريها من برهان صحته، ولوقوعها على ما لم يحصل إلا بعد أزمان.
اللهم إلا أن يجعل جاعل طول عمره عليه السلام مدة معلومة دلالة على صدقه بعد مضي الزمان الذي أخبر به، غير أن هذا المعجز من قبيل الإخبار بالغائبات دون طول العمر.
أو يجعل جاعل ظهوره عليه السلام بعد طول المدة شابا قويا معجزا، فيصح ذلك، إلا أنه مختص بزمان ظهوره دون زمان غيبته.
وبعد، فلو سلمنا أن طول عمر الغائب عليه السلام المدة التي بلغها أحد من