ولأن القول بالدعوى يقتضي وجود عدة أئمة، والإجماع بخلاف ذلك، أو سقوط فرض الإمامة، أو حصول فساد لا يتلافى، من حيث صح أن يدعي الإمامة في وقت واحد عدة نفر في صقع أو بأصقاع، وثبوت الكل يقتضي عدة أئمة، (و) فساد الكل يسقط فرض الإمامة، وإثبات بعض دون بعض اقتراح في الإثبات والنفي، لعدم الفرق، ويقتضي أن يغلب ظن بعض المكلفين كون أحدهم أهلا للإمامة دون غيره، ويغلب ظن آخرين بخلاف ذلك، فيفضي إلى فساد لا يتلافى.
ولأن الميراث منتقض بإجماع الأمة على اعتبار صفات الإمام، واستحقاق الميراث من لم يتكامل فيه، بل لم تثبت له صفة منها، ولأنه لا دليل على كون الميراث طريقا إلى الإمامة، وما لا دليل عليه يجب القطع بنفيه.
ولأن الاختيار مفتقر إلى نص معلوم على تسويغه، ولا سبيل على ذلك، ولأن الإمامة لا يملك التصرف فيما يستحقه الإمام بحق الولاية على الأمة، فمحال أن تثبت إمامته باختيار، لأن ذلك يقتضي تمليكه ما لا يملكه المختارون له، وذلك فاسد بأوائل العقول.
ولأنه يقتضي وجود عدة أئمة، أو انتقاض فرض الإمامة، أو فساد لا يتلافى، لأنه لا يخلو أن يكون العاقدون للإمامة جميع العلماء مع تسليم الكافة لهم من العامة، أو بعضهم.
ووقوفه على الكل يقتضي إيقاف الأمر إلى تجميع علماء الأمة وعامتها في مكان واحد للاختيار، ويتفق رأيهم على واحد بعينه، وذلك كالمتعذر، لأن تقدير اتفاق دواعيهم إلى ذلك، وقطع الأغراض الدينية والدنيوية، وانقياد أهل كل مصر وإقليم لأهل مصر واحد غير جائز في العادة، ولو جاز اتفاق ذلك - مع بعده - لكانت الحال في التعذر على ما بيناه، لتعذر المهتم بهذا الشأن والباعث عليه والجامع للكافة له.
وإذا تعذر حصوله بجميع الأمة لم يبق إلا تعلقه ببعضها، وفعل بعضها ليس بحجة، ولو كان حجة لاقتضى صحة أن يغلب ظن علماء كل إقليم بأنه لا يصلح للأمة إلا من يليهم أو يلي غيرهم.