من حمله على ولاية المحبة والنصرة، لأن الله تعالى ورسوله والمؤمنين لا يوادون الكفار ولا ينصرونهم، بل الواجب فيهم خلاف ذلك، فبطل كون المراد بالولاية في الآية المودة والنصرة على جهة الأخبار ولا الإيجاب.
ولأنه لا يخلو أن يكون خطابا لجميع الخلق برهم وفاجرهم، أو الكفار خاصة، أو لجميع المؤمنين دونهم، أو لبعض المؤمنين.
وكونه خطابا للجميع أو للكفار خاصة يمنع من كون المراد بالولاية المودة والنصرة على ما بيناه.
ولا يجوز أن يكون خطابا لجميع المؤمنين، لأن الآية تتضمن ذكر ولي ومتول، وذلك يقتضي اختصاصها بالبعض.
وكونه خطابا لبعض المؤمنين يمنع من حمل الولاية على المودة والنصرة، لعموم فرضها للجميع.
ولأن حرف (إنما) يثبت الحكم لما اتصل به وينفيه عما انفصل عنه بغير تنازع بين العلماء بلسان العرب.
كقوله تعالى: ﴿إنما إلهكم الله﴾ (١) أثبت الإلهية له ونفاها عمن عداه، وكقوله: ﴿إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة التي حرمها﴾ (٢) خص العبادة.
برب البلدة ونفاها عمن عداه، وقوله: ﴿إنما أنت منذر﴾ (3) على هذا الوجه.
وقول النبي عليه السلام: إنما الأعمال بالنيات، وقوله: إنما الماء من الماء، وإنما الربا في النسيئة، وإنما الولاء لمن أعتق، كل ذلك يفيد إثبات الحكم للمتصل بحرف إنما ونفيه عن المنفصل، إلا ما علم بدليل آخر: من إيجاب الغسل من غير الماء، وثبوت حكم الربا في غير النسيئة.