المحاورات كثيرا، وقد جاءت في غير موضع من الحديث، وأصلها إن وما ولا، فأدغمت النون في الميم، وما زائدة في اللفظ لا حكم لها، وقد أمالت العرب لا إمالة خفيفة، والعوام يشبعون إمالتها فتصير ألفها ياء، وهي خطأ، ومعناها إن لم تفعل هذا فليكن هذا، وأما إن المكسورة فهو حرف الجزاء، يوقع الثاني من أجل وقوع الأول كقولك: إن تأتني آتك، وإن جئتني أكرمتك، وتكون بمعنى ما في النفي كقوله تعالى: إن الكافرون إلا في غرور، وربما جمع بينهما للتأكيد كما قال الأغلب العجلي:
ما إن رأينا ملكا أغارا أكثر منه قرة وقارا قال ابن بري: إن هنا زائدة وليست نفيا كما ذكر، قال: وقد تكون في جواب القسم، تقول: والله إن فعلت أي ما فعلت، قال: وأن قد تكون بمعنى أي كقوله تعالى: وانطلق الملأ منهم أن امشوا، قال: وأن قد تكون للما كقوله تعالى: فلما أن جاء البشير، وقد تكون زائدة كقوله تعالى: وما لهم أن لا يعذبهم الله، يريد وما لهم لا يعذبهم الله، قال ابن بري: قول الجوهري إنها تكون صلة للما وقد تكون زائدة، قال: هذا كلام مكرر لأن الصلة هي الزائدة، ولو كانت زائدة في الآية لم تنصب الفعل، قال: وقد تكون زائدة مع ما كقولك: ما إن يقوم زيد، وقد تكون مخففة من المشددة فهذه لا بد من أن يدخل اللام في خبرها عوضا مما حذف من التشديد كقوله تعالى: إن كل نفس لما عليها حافظ، وإن زيد لأخوك، لئلا يلتبس بأن التي بمعنى ما للنفي. قال ابن بري: اللام هنا دخلت فرقا بين النفي والإيجاب، وإن هذه لا يكون لها اسم ولا خبر، فقوله دخلت اللام في خبرها لا معنى له، وقد تدخل هذه اللام مع المفعول في نحو إن ضربت لزيدا، ومع الفاعل في قولك إن قام لزيد، وحكى ابن جني عن قطرب أن طيئا تقول: هن فعلت فعلت، يريدون إن، فيبدلون، وتكون زائدة مع النافية. وحكى ثعلب: أعطه إن شاء أي إذا شاء، ولا تعطه إن شاء، معناه إذا شاء فلا تعطه. وأن تنصب الأفعال المضارعة ما لم تكن في معنى أن، قال سيبويه: وقولهم أما أنت منطلقا انطلقت معك إنما هي أن ضمت إليها ما، وهي ما للتوكيد، ولزمت كراهية أن يجحفوا بها لتكون عوضا من ذهاب الفعل، كما كانت الهاء والألف عوضا في الزنادقة واليماني من الياء، فأما قول الشاعر:
تعرضت لي بمكان حل، تعرض المهرة في الطول، تعرضا لم تأل عن قتلا لي فإنه أراد لم تأل أن قتلا أي أن قتلتني، فأبدل العين مكان الهمزة، وهذه عنعنة تميم، وهي مذكورة في موضعها، ويجوز أن يكون أراد الحكاية كأنه حكى النصب الذي كان معتادا في قولها في بابه أي كانت قول قتلا قتلا أي أنا أقتله قتلا، ثم حكى ما كانت تلفظ به، وقوله:
إني زعيم يا نوي - قة، إن نجوت من الرزاح، أن تهبطين بلاد قو م يرتعون من الطلاح.
قال ثعلب: قال الفراء هذه أن الدائرة يليها الماضي