كنا فاعلين، أي ما كنا فاعلين، قال: وتجئ إن في موضع لقد، ضرب قوله تعالى: إن كان وعد ربنا لمفعولا، المعنى:
لقد كان من غير شك من القوم، ومثله: وإن كادوا ليفتنونك، وإن كادوا ليستفزونك، وتجئ إن بمعنى إذ، ضرب قوله: اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين، المعنى إذ كنتم ممنين، وكذلك قوله تعالى: فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله، معناه إذ كنتم، قال: وأن بفتح الألف وتخفيف النون قد تكون في موضع إذ أيضا، وإن بخفض الألف تكون موضع إذا، من ذلك قوله عز وجل: لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا، من خفضها جعلها في موضع إذا، ومن فتحها جعلها في موضع إذ على الواجب، ومنه قوله تعالى: وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي، من خفضها جعلها في موضع إذا، ومن نصبها ففي إذ. ابن الأعرابي في قوله تعالى: فذكر إن نفعت الذكرى، قال: إن في معنى قد، وقال أبو العباس: العرب تقول إن قام زيد بمعنى قد قام زيد، قال: وقال الكسائي سمعتهم يقولونه فظننته شرطا، فسألتهم فقالوا: نريد قد قام زيد ولا نريد ما قام زيد. وقال الفراء: إن الخفيفة أم الجزاء، والعرب تجازي بحروف الاستفهام كلها وتجزم بها الفعلين الشرط والجزاء إلا الألف وهل فإنهما يرفعان ما يليهما. وسئل ثعلب: إذا قال الرجل لامرأته إن دخلت الدار إن كلمت أخاك فأنت طالق، متى تطلق؟ فقال: إذا فعلتهما جميعا، قيل له: لم؟ قال: لأنه قد جاء بشرطين، قيل له:
فإن قال لها أنت طالق إن احمر البسر؟ فقال: هذه مسألة محال لأن البسر لا بد من أن يحمر، قيل له: فإن قال أنت طالق إذا احمر البسر؟ قال: هذا شرط صحيح تطلق إذا احمر البسر، قال الأزهري: وقال الشافعي فيما أثبت لنا عنه: إن قال الرجل لامرأته أنت طالق إن لم أطلقك لم يحنث حتى يعلم أنه لا يطلقها بموته أو بموتها، قال: وهو قول الكوفيين، ولو قال إذا لم أطلقك ومتى ما لم أطلقك فأنت طالق، فسكت مدة يمكنه فيها الطلاق، طلقت، قال ابن سيده: إن بمعنى ما في النفي ويوصل بها ما زائدة، قال زهير:
ما إن يكاد يخليهم لوجهتهم تخالج الأمر، إن الأمر مشترك قال ابن بري: وقد تزاد إن بعد ما الظرفية كقول المعلوط بن بذل القريعي أنشده سيبويه:
ورج الفتى للخير، ما إن رأيته على السن خيرا لا يزال يزيد وقال ابن سيده: إنما دخلت إن على ما، وإن كانت ما ههنا مصدرية، لشبهها لفظا بما النافية التي تؤكد بأن، وشبه اللفظ بينهما يصير ما المصدرية إلى أنها كأنها ما التي معناها النفي، ألا ترى أنك لو لم تجذب إحداهما إلى أنها كأنها بمعنى الأخرى لم يجز لك إلحاق إن بها؟
قال سيبويه: وقولهم افعل كذا وكذا إما لا، ألزموها ما عوضا، وهذا أحرى إذ كانوا يقولون آثرا ما، فيلزمون ما، شبهوها بما يلزم من النوتات في لأفعلن، واللام في إن كان ليفعل، وإن كان ليس مثله، وإنما هو شاذ، ويكون الشرط نحو إن فعلت فعلت. وفي حديث بيع الثمر: إما لا فلا تبايعوا حتى يبدو صلاحه، قال ابن الأثير: هذه كلمة ترد في