كأي من رجل قد رأيت، تريد به التكثير فتخفض النكرة بعدها بمن، وإدخال من بعد كأي أكثر من النصب بها وأجود، قال ذو الرمة:
وكائن ذعرنا من مهاة ورامح بلاد العدى ليست له ببلاد قال ابن بري بعد انقضاء كلام الجوهري: ظاهر كلامه أن كائن عنده بمنزلة بائع وسائر ونحو ذلك مما وزنه فاعل، وذلك غلط، وإنما الأصل فيها كأي، الكاف للتشبيه دخلت على أي، ثم قدمت الياء المشددة ثم خففت فصارت كيئ، ثم أبدلت الياء ألفا فقالوا كاء كما قالوا في طئ طاء. وفي التنزيل العزيز: وكأين من نبي، قال الأزهري: أخبرني المنذري عن أبي الهيثم أنه قال كأي بمعنى كم، وكم بمعنى الكثرة، وتعمل عمل رب في معنى القلة، قال: وفي كأي ثلاث لغات: كأي بوزن كعين الأصل أي أدخلت عليها كاف التشبيه، وكائن بوزن كاعن، واللغة الثالثة كاين بوزن ماين، لا همز فيه، وأنشد:
كاين رأبت وهايا صدع أعظمه، وربه عطبا أنقذت م العطب يريد من العطب. وقوله: وكأين بوزن فاعل من كئت أكي أي جبنت. قال: ومن قال كأي لم يمدها ولم يحرك همزتها التي هي أول أي، فكأنها لغة، وكلها بمعنى كم. وقال الزجاج: في كائن لغتان جيدتان يقرأ كأي، بتشديد الياء، ويقرأ كائن على وزن فاعل، قال: وأكثر ما جاء في الشعر على هذه اللغة، وقرأ ابن كثير وكائن بوزن كاعن، وقرأ سائر القراء وكأين، الهمزة بين الكاف والياء، قال: وأصل كائن كأي مثل كعي، فقدمت الياء على الهمزة ثم خففت فصارت بوزن كيع، ثم قلبت الياء ألفا، وفيها لغات أشهرها كأي، بالتشديد، والله أعلم.
فصل اللام * لبن: اللبن: معروف اسم جنس. الليث: اللبن خلاص الجسد ومستخلصه من بين الفرث والدم، وهو كالعرق يجري في العروق، والجمع ألبان، والطائفة القليلة لبنة. وفي الحديث: أن خديجة، رضوان الله عليها، بكت فقال لها النبي، صلى الله عليه وسلم: ما يبكيك؟ فقالت:
درت لبنة القاسم فذكرته، وفي رواية: لبينة القاسم، فقال لها:
أما ترضين أن تكفله سارة في الجنة؟ قالت: لوددت أني علمت ذلك، فغضب النبي، صلى الله عليه وسلم، ومد إصبعه فقال: إن شئت دعوت الله أن يريك ذاك، فقالت: بلى أصدق الله ورسوله، اللبنة: الطائفة من اللبن، واللبينة تصغيرها. وفي الحديث: إن لبن الفحل يحرم، يريد بالفحل الرجل تكون له امرأة ولدت منه ولدا ولها لبن، فكل من أرضعته من الأطفال بهذا فهو محرم على الزوج وإخوته وأولاده منها ومن غيرها، لأن اللبن للزوج حيث هو سببه، قال: وهذا مذهب الجماعة، وقال ابن المسيب والنخعي: لا يحرم، ومنه حديث ابن عباس وسئل عن رجل له امرأتان أرضعت إحداهما غلاما والأخرى جارية: أيحل للغلام أن يتزوج بالجارية؟ قال: لا، اللقاح واحد.
وفي حديث عائشة، رضي الله عنها، واستأذن عليها أبو القعيس أن تأذن له فقال: أنا عمك أرضعتك امرأة أخي، فأبت عليه حتى ذكرته لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقال: هو عمك فليلج عليك. وفي الحديث: أن رجلا قتل آخر فقال خذ