وقعت على فعل أو حرف لا يتمكن في صفة أو تصريف فخففها، تقول: بلغني أن قد كان كذا وكذا، تخفف من أجل كان لأنها فعل، ولولا قد لم تحسن على حال من الفعل حتى تعتمد على ما أو على الهاء كقولك إنما كان زيد غائبا، وبلغني أنه كان أخو بكر غنيا، قال: وكذلك بلغني أنه كان كذا وكذا، تشددها إذا اعتمدت، ومن ذلك قولك: إن رب رجل، فتخفف، فإذا اعتمدت قلت: إنه رب رجل، شددت وهي مع الصفات مشددة إن لك وإن فيها وإن بك وأشباهها، قال: وللعرب لغتان في إن المشددة: إحداهما التثقيل، والأخرى التخفيف، فأما من خفف فإنه يرفع بها إلا أن ناسا من أهل الحجاز يخففون وينصبون على توهم الثقيلة، وقرئ: وإن كلا لما ليوفينهم، خففوا ونصبوا، وأنشد الفراء في تخفيفها مع المضمر:
فلو أنك في يوم الرخاء سألتني فراقك، لم أبخل، وأنت صديق وأنشد القول الآخر:
لقد علم الضيف والمرملون، إذا اغبر أفق وهبت شمالا، بأنك ربيع وغيث مريع، وقدما هناك تكون الثمالا قال أبو عبيد: قال الكسائي في قوله عز وجل: وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد، كسرت إن لمكان اللام التي استقبلتها في قوله لفي، وكذلك كل ما جاءك من أن فكان قبله شئ يقع عليه فإنه منصوب، إلا ما استقبله لام فإن اللام تكسره، فإن كان قبل أن إلا فهي مكسورة على كل حال، استقبلتها اللام أو لم تستقبلها كقوله عز وجل: وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام، فهذه تكسر وإن لم تستقبلها لام، وكذلك إذا كانت جوابا ليمين كقولك: والله إنه لقائم، فإذا لم تأت باللام فهي نصب: والله أنك قائم، قال: هكذا سمعته من العرب، قال: والنحويون يكسرون وإن لم تستقبلها اللام. وقال أبو طالب النحوي فيما روى عنه المنذري: أهل البصرة غير سيبويه وذويه يقولون العرب تخفف أن الشديدة وتعملها، وأنشدوا:
ووجه مشرق النحر، كأن ثدييه حقان أراد كأن فخفف وأعمل، قال: وقال الفراء لم نسمع العرب تخفف أن وتعملها إلا مع المكني لأنه لا يتبين فيه إعراب، فأما في الظاهر فلا، ولكن إذا خففوها رفعوا، وأما من خفف وإن كلا لما ليوفينهم، فإنهم نصبوا كلا بليوفينهم كأنه قال:
وإن ليوفينهم كلا، قال: ولو رفعت كل لصلح ذلك، تقول: إن زيد لقائم. ابن سيده: إن حرف تأكيد. وقوله عز وجل: إن هذان لساحران، أخبر أبو علي أن أبا إسحق ذهب فيه إلى أن إن هنا بمعنى نعم، وهذان مرفوع بالابتداء، وأن اللام في لساحران داخلة على غير ضرورة، وأن تقديره نعم هذان هما ساحران، وحكي عن أبي إسحق أنه قال:
هذا هو الذي عندي فيه، والله أعلم. قال ابن سيده: وقد بين أبو علي فساد ذلك فغنينا نحن عن إيضاحه هنا. وفي التهذيب: وأما قول الله عز وجل: إن هذان لساحران، فإن أبا إسحق النحوي استقصى ما قال فيه النحويون فحكيت كلامه. قال: قرأ المدنيون والكوفيون إلا عاصما: إن هذان لساحران، وروي عن عاصم أنه قرأ: إن هذان، بتخفيف إن، وروي عن الخليل: إن هذان