لسان العرب - ابن منظور - ج ١٣ - الصفحة ٢٤
فتعلم ممن علم، وسلمنا من آفات أهل الزيغ والبدع بمنه وكرمه. وفي قول الله عز وجل:
إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون، ما يبين لك أن المؤمن هو المتضمن لهذه الصفة، وأن من لم يتضمن هذه الصفة فليس بمؤمن، لأن إنما في كلام العرب تجئ لتثبيت شئ ونفي ما خالفه، ولا قوة إلا بالله. وأما قوله عز وجل: إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا، فقد روي عن ابن عباس وسعيد بن جبير أنهما قالا: الأمانة ههنا الفرائض التي افترضها الله تعالى على عباده، وقال ابن عمر: عرضت على آدم الطاعة والمعصية وعرف ثواب الطاعة وعقاب المعصية، قال: والذي عندي فيه أن الأمانة ههنا النية التي يعتقدها الإنسان فيما يظهره باللسان من الإيمان ويؤديه من جميع الفرائض في الظاهر، لأن الله عز وجل ائتمنه عليها ولم يظهر عليها أحدا من خلقه، فمن أضمر من التوحيد والتصديق مثل ما أظهر فقد أدى الأمانة، ومن أضمر التكذيب وهو مصدق باللسان في الظاهر فقد حمل الأمانة ولم يؤدها، وكل من خان فيما اؤتمن عليه فهو حامل، والإنسان في قوله: وحملها الإنسان، هو الكافر الشاك الذي لا يصدق، وهو الظلوم الجهول، يدلك على ذلك قوله:
ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات وكان الله غفورا رحيما. وفي حديث ابن عباس قال، صلى الله عليه وسلم: الإيمان أمانة ولا دين لمن لا أمانة له. وفي حديث آخر: لا إيمان لمن لا أمانة له. وقوله عز وجل:
فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين، قال ثعلب: المؤمن بالقلب والمسلم باللسان، قال الزجاج: صفة المؤمن بالله أن يكون راجيا ثوابه خاشيا عقابه. وقوله تعالى: يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين، قال ثعلب: يصدق الله ويصدق المؤمنين، وأدخل اللام للإضافة، فأما قول بعضهم: لا تجده مؤمنا حتى تجده مؤمن الرضا مؤمن الغضب أي مؤمنا عند رضاه مؤمنا عند غضبه. وفي حديث أنس: أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: المؤمن من أمنه الناس، والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر السوء، والذي نفسي بيده لا يدخل رجل الجنة لا يأمن جاره بوائقه. وفي الحديث عن ابن عمر قال: أتى رجل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وقال: من المهاجر؟ فقال: من هجر السيئات، قال:
فمن المؤمن؟ قال: من ائتمنه الناس على أموالهم وأنفسهم، قال:
فمن المسلم؟ قال: من سلم المسلمون من لسانه ويده، قال: فمن المجاهد؟ قال: من جاهد نفسه. قال النضر: وقالوا للخليل ما الإيمان؟ قال:
الطمأنينة، قال: وقالوا للخليل تقول أنا مؤمن، قال: لا أقوله، وهذا تزكية. ابن الأنباري: رجل مؤمن مصدق لله ورسوله. وآمنت بالشئ إذا صدقت به، وقال الشاعر:
ومن قبل آمنا، وقد كان قومنا يصلون للأوثان قبل، محمدا معناه ومن قبل آمنا محمدا أي صدقناه، قال: والمسلم المخلص لله العبادة. وقوله عز وجل في قصة موسى، عليه السلام: وأنا أول المؤمنين، أراد أنا أول المؤمنين بأنك لا ترى في الدنيا. وفي الحديث: نهران مؤمنان ونهران كافران: أما المؤمنان فالنيل
(٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 حرف النون فصل الألف 3
2 فصل الباء الموحدة 45
3 فصل التاء المثناة فوقها 71
4 فصل الثاء المثلثة 76
5 فصل الجيم 84
6 فصل الحاء المهملة 104
7 فصل الخاء المعجمة 136
8 فصل الدال المهملة 146
9 فصل الذال المعجمة 171
10 فصل الراء 175
11 فصل الزاي 193
12 فصل السين المهملة 203
13 فصل الشين المعجمة 230
14 فصل الصاد المهملة 244
15 فصل الضاد المعجمة 251
16 فصل الطاء المهملة 263
17 فصل الظاء المعجمة 270
18 فصل العين المهملة 275
19 فصل الغين المعجمة 309
20 فصل الفاء 317
21 فصل القاف 329
22 فصل الكاف 352
23 فصل اللام 372
24 فصل الميم 395
25 فصل النون 426
26 فصل الهاء 430
27 فصل الواو 441
28 فصل الياء المثناة تحتها 455
29 حرف الهاء فصل الهمزة 466
30 فصل الباء الموحدة 475
31 فصل التاء المثناة فوقها 480
32 فصل التاء المثلثة 483
33 فصل الجيم 483
34 فصل الحاء المهملة 487
35 فصل الدال المهملة 487
36 فصل الذال المعجمة 491
37 فصل الراء المهملة 491
38 فصل الزاي 494
39 فصل السين المهملة 494
40 فصل الشين المعجمة 503
41 فصل الصاد المهملة 511
42 فصل الضاد المعجمة 512
43 فصل الطاء المهملة 512
44 فصل العين المهملة 512
45 فصل الغين المعجمة 521
46 فصل الفاء 521
47 فصل القاف 530
48 فصل الكاف 533
49 فصل اللام 538
50 فصل الميم 539
51 فصل النون 546
52 فصل الهاء 551
53 فصل الواو 555
54 فصل الياء المثناة تحتها 564