فتعلم ممن علم، وسلمنا من آفات أهل الزيغ والبدع بمنه وكرمه. وفي قول الله عز وجل:
إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون، ما يبين لك أن المؤمن هو المتضمن لهذه الصفة، وأن من لم يتضمن هذه الصفة فليس بمؤمن، لأن إنما في كلام العرب تجئ لتثبيت شئ ونفي ما خالفه، ولا قوة إلا بالله. وأما قوله عز وجل: إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا، فقد روي عن ابن عباس وسعيد بن جبير أنهما قالا: الأمانة ههنا الفرائض التي افترضها الله تعالى على عباده، وقال ابن عمر: عرضت على آدم الطاعة والمعصية وعرف ثواب الطاعة وعقاب المعصية، قال: والذي عندي فيه أن الأمانة ههنا النية التي يعتقدها الإنسان فيما يظهره باللسان من الإيمان ويؤديه من جميع الفرائض في الظاهر، لأن الله عز وجل ائتمنه عليها ولم يظهر عليها أحدا من خلقه، فمن أضمر من التوحيد والتصديق مثل ما أظهر فقد أدى الأمانة، ومن أضمر التكذيب وهو مصدق باللسان في الظاهر فقد حمل الأمانة ولم يؤدها، وكل من خان فيما اؤتمن عليه فهو حامل، والإنسان في قوله: وحملها الإنسان، هو الكافر الشاك الذي لا يصدق، وهو الظلوم الجهول، يدلك على ذلك قوله:
ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات وكان الله غفورا رحيما. وفي حديث ابن عباس قال، صلى الله عليه وسلم: الإيمان أمانة ولا دين لمن لا أمانة له. وفي حديث آخر: لا إيمان لمن لا أمانة له. وقوله عز وجل:
فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين، قال ثعلب: المؤمن بالقلب والمسلم باللسان، قال الزجاج: صفة المؤمن بالله أن يكون راجيا ثوابه خاشيا عقابه. وقوله تعالى: يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين، قال ثعلب: يصدق الله ويصدق المؤمنين، وأدخل اللام للإضافة، فأما قول بعضهم: لا تجده مؤمنا حتى تجده مؤمن الرضا مؤمن الغضب أي مؤمنا عند رضاه مؤمنا عند غضبه. وفي حديث أنس: أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: المؤمن من أمنه الناس، والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر السوء، والذي نفسي بيده لا يدخل رجل الجنة لا يأمن جاره بوائقه. وفي الحديث عن ابن عمر قال: أتى رجل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وقال: من المهاجر؟ فقال: من هجر السيئات، قال:
فمن المؤمن؟ قال: من ائتمنه الناس على أموالهم وأنفسهم، قال:
فمن المسلم؟ قال: من سلم المسلمون من لسانه ويده، قال: فمن المجاهد؟ قال: من جاهد نفسه. قال النضر: وقالوا للخليل ما الإيمان؟ قال:
الطمأنينة، قال: وقالوا للخليل تقول أنا مؤمن، قال: لا أقوله، وهذا تزكية. ابن الأنباري: رجل مؤمن مصدق لله ورسوله. وآمنت بالشئ إذا صدقت به، وقال الشاعر:
ومن قبل آمنا، وقد كان قومنا يصلون للأوثان قبل، محمدا معناه ومن قبل آمنا محمدا أي صدقناه، قال: والمسلم المخلص لله العبادة. وقوله عز وجل في قصة موسى، عليه السلام: وأنا أول المؤمنين، أراد أنا أول المؤمنين بأنك لا ترى في الدنيا. وفي الحديث: نهران مؤمنان ونهران كافران: أما المؤمنان فالنيل