شرح شافية ابن الحاجب - رضي الدين الأستراباذي - ج ٢ - الصفحة ٢٣٩
المضاعف الساكن لامه للجزم أو للوقف، نحو أردد ولم يردد، لان شرط الادغام تحريك الثاني، وبنو تميم وكثير من غيرهم لما رأوا أن هذا الاسكان عارض للوقف أو للجزم وقد يتحرك وإن كانت الحركة عارضة في نحو " أردد القوم " لم يعتدوا بهذا الاسكان، وجعلوا الثاني كالمتحرك، فسكنوا الأول ليدغم، فتخف الكلمة بالادغام، فالتقى ساكنان، فلو حرك الأول لكان نقضا للغرض، وقد جاء به الكتاب العزيز أيضا، قال تعالى: (ولا يضار كاتب) وإذا ثبت أن بعض العرب يدغم الأول في الثاني في نحو يرددن مع أن تحريك الثاني مع وجود النون ممتنع فما ظنك بجواز إدغام نحو أردد ولم يردد مع جوز تحريك الثاني للساكنين؟ واتفق الجمع على ترك إدغام أفعل تعجبا نحو أحبب، لكونه غير متصرف، وقد يحرك الثاني أيضا إذا كان آخر الكلمة المبنية، إذ لو حرك الأول والساكنان متلازمان على هذا التقدير لالتبس وزن بوزن، كما في أمس ومنذ، فكان يشتبه فعل وفعل الساكنا العين بالمتحركيها، ويجوز أن يعلل أين وكيف وحيث بمثله، وباستثقال الحركة على حرف العلة إن لم يقلب، ولو قلب لكان تصرفا في غير متمكن قوله: " وقراءة حفص - الخ " رد على الزمخشري (1)، فإنه قال: أصله

(1) لم ينفرد الزمخشري بما ذكره المؤلف، بل هو تابع فميا ذهب إليه لجمهرة النحاة، ونحن نلخص لك ما ذهبوا إليه في توجيه قراءة حفص، فنقول:
ذهب النحاة في توجيه هذه القراءة أربعة مذاهب: أولها - وهو ما ذهب إليه الجمهور وعزاه المؤلف للزمخشري - وثانيها مذهب ذهب إليه عبد القاهر وحكاه عنه الجار بردى واختاره المصنف وذكر المؤلف أنه الحق، وقد تكفل المؤلف ببيان هذين المذهبين، فلا داعي للإطالة في شرحهما، والثالث - وهو مذهب ذهب إليه أبو علي الفارسي - وحاصله أن الهاء هاء الضمير المفرد المذكر، وأنها قد سكنت على لغة بنى عقيل وكلاب، وذلك أنهم يجوزون تسكين هاء ضمير المفرد المذكر إذا تحرك ما قبلها، ثم سكنت القاف من يتقه على لغة بنى تميم، تشبيها بنحو كتف، فالتقى ساكنان أولهما ليس مدة، فلو حرك الأول منهما على القاعدة لكان نقضا للغرض، فلذلك حرك الثاني، فعلى هذا جاز أن تكون قراءة حفص منه، والرابع أن الهاء هاء الضمير وأن القاف سكنت لا للتشبيه بنحو كتف في لغة بنى تميم، بل لتسليط الجازم عليها، كم سكنت اللام في " لم أبله "، وكما سكنت القاف في قول من قال:
ومن يتق فإن الله معه * ورزق الله مؤتاب وغادي وعلى هذا لا تكون قراءة حفص من باب التقاء الساكنين، كما أنها ليست كذلك على الوجه الذي ذهب إليه المصنف تبعا لعبد القاهر، والفرق بين هذا المذهب الأخير وبين ما ذهب إليه المصنف أن القاف سكنت على ما ذهب إليه المصنف تخفيفا تشبيها له بنحو كتف، وعلى المذهب سكنت القاف للجازم، والخلاصة أن قراءة حفص تكون من هذا الباب على المذهب الأول والثالث ولا تكون منه على المذهب الثاني والرابع
(٢٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 234 235 236 237 238 239 240 241 242 243 244 ... » »»
الفهرست