ففي الأول جوز وضع بناء بعضه على أقل من ثلاثة نحو من وما وذا، وفي الثاني لم يجوز ذلك: إذ الثلاثة أقل أبنية المعرب، وأما أسماء حروف الهجاء والأصوات فمما لم يقصد بوضعها وقوعها مركبة، فلهذا جوز أيضا وضع بعضها على أقل من ثلاثة، نحو أبا تا ثنا وصه وسأ (1)، إذ ليست في نظره مركبة، فلا تكون في نظره معربة، وأما إن كان أول الساكنين من غير حروف اللين، ولا يكون إذن سكون ثانيهما إلا للوقف في حال الاستعمال لا بنظر الواضع، فلا بد من تحريك الأول منهما بكسرة مختلسة خفيفة كما ذكرنا، حتى يمكن النطق بالثاني ساكنا، نحو عمرو وبكر وبشر، وإنما جوز هذا الشبيه بالتقاء الساكنين لما قلنا إن الوقف لطلب استراحة، فيحتمل معه أدنى ثقل، ولما استحال اجتماعهما إلا مع تحريك الأول وإن كان بحركة خفيفة اختار بعض العرب نقل حركة الحرف الموقوف عليه إلى الساكن الأول على التحريك بالكسرة الخفيفة التي اقتضاها الطبع كما ذكرنا، لفائدتين: إحداهما: دفع الضرورة من غير اجتلاب حركة أجنبية، والثانية إبقاء دليل الاعراب لكن فيما اختاره ضعفا من جهة دوران الاعراب على وسط الكلمة فلذلك اجتنبه أكثر العرب قوله " يغتفر في الوقف مطلقا " أي: سواء كان أولهما حرف لين كالمؤمنون والمؤمنين والمؤمنات، أولا نحو بكر عمرو، وقد عرفت أن الثاني ليس فيه التقاء الساكنين حقيقة، إذ هو مستحيل فيما أولهما فيه حرف صحيح قوله " وفي المدغم قبله لين في كلمة " احتراز من نحو (قالوا اطيرنا) وخافي الله، وخافا الله
(٢١٩)