شرح شافية ابن الحاجب - رضي الدين الأستراباذي - ج ٢ - الصفحة ١٦٩
بعد العلمية (1) والمطرد في تكسير أفعل فعلاء وفي مؤنثه فعل، ولا يضم عينه إلا
(١) جاء في الكافية وشرحها متعلقا بهذا قول ابن الحاجب: (ح ١ ص ٦٠) " وخالف سيبويه الأخفش في مثل أحمد علما ثم ينكر اعتبارا للصفة بعد التنكير، ولا يلزمه باب حاتم، لما يلزم من إيهام اعتبار متضادين في حكم واحد " وقول الرضي في شرح هذا الكلام: قوله " ولا يلزمه باب حاتم " هذا جواب عن إلزام الأخفش لسيبويه في اعتبار الصفة بعد زوالها، وتقريره أن الوصف الأصلي لو جاز اعتباره بعد زواله لكان باب حاتم غير منصرف للعلمية الحالية والوصف الأصلي فأجاب المصنف عن سيبويه بأن هذا الالزام لا يلزمه، لان في حاتم ما يمنع من اعتبار ذلك الوصف الزائد، بخلاف أحمر المنكر، وذلك المانع اجتماع المتضادين وهما الوصف والعلمية، إذ الوصف يقتضى العموم والعلمية الخصوص، وبين العموم والخصوص تناف. قوله " في حكم واحد " يعنى في الحكم بمنع الصرف، لأنك تحتاج في هذا الحكم إلى اجتماع سببين فتكون قد جمعت المتضادين، في حالة واحدة، ولو لم يكن اعتبار المتضادين في حكم واحد جاز، إذ لا يلزم اجتماعهما في حالة واحدة، كما إذا حكمنا بجمع أحمر على حمر لان أصله صفه وعلى أحامر لأجل العلمية فقد حصل في هذه اللفظة متضادان لكن بحكمين، فلم يجتمعا في حالة، فإذا نكر أحمر فإنه يصح اعتبار الوصف، وليس معنى الاعتبار أنه يرجع معنى الصفة الأصلية حتى يكون معنى رب أحمر رب شخص فيه معنى الحمرة، بل معنى رب أحمر رب شخص مسمى بهذا اللفظ سواء كان أسود أو أبيض أو أحمر فمعنى اعتبار الوصف الأصلي بعد التنكير أنه كالثابت مع زواله، لكونه أصليا، وزوال ما يضاده وهو العلمية، فصار اللفظ بحيث لو أراد مريد إثبات معنى الوصف الأصلي فيه لجاز بالنظر إلى اللفظ، لزوال المانع، هذا، والحق أن اعتبار ما زال بالكلية ولم يبق منه شئ خلاف الأصل إذ المعدوم من كل وجه لا يؤثر بمجرد تقدير كونه موجودا، فالأولى أن يقال: إن اعتبر معنى الوصف الأصلي في حال التسمية كما لو سمى مثلا بأحمر من فيه حمرة وقصد ذلك ثم نكر جاز اعتبار الوصف بعد التنكير لبقائه في حال العلمية أيضا، لكنه لم يعتبر فيها، لان المقصود الأهم في وضع الاعلام المنقولة غير ما وضعت له لغة، ولذلك تراها في الأغلب مجردة عن المعنى الأصلي كزيد وعمرو، وقليلا ما يلمح ذلك، وإن كان لم يعتبر في وضع العلم الوصف الأصلي بل قطع النظر عنه بالكلية كما لو سمي بأحمر أسود أو أشقر لم يعتبر بعد التنكير أيضا، وقال الأخفش في كتاب الأوسط: إن خلافه في نحو أحمر إنما هو في مقتضى القياس، وأما السماع فهو على منع الصرف، هذا كله في أفعل فعلاء، وكذا فعلان فعلى، وأما أفضل التفضيل نحو أعلم، فإنك إذا سميت به ثم نكرته: فإن كان مجردا من من التفضيلية انصرف إجماعا، ولا يعتبر فيه سيبويه الوصف الأصلي كما اعتبر في نحو أحمر، وإن كان مع من لم يصرف إجماعا بلا خلاف من الأخفش كما كان في أحمر أما الأول فلضعف أفعل التفضيل في معنى الوصف ولذا لا يعمل في الظاهر كما يعمل أفعل فعلاء، فإذا تجرد من من التبس بأفعل الأسمى الذي لا معنى للوصف فيه كأفكل وأيدع، ولا يظهر فيه معنى الوصف، وأما أفعل فعلاء، فلثبوت عمله في الظاهر قبل العلمية وإشعار لفظه بالألوان والخلق الظاهرة في الوصف يكفي في بيان كونه موضوعا صفة، فإذا اتصل أفعل بمن فقد تميز عن نحو أفكل وظهر فيه معنى التفضيل الذي هو وصف وأما الثاني: فإنما رافق الأخفش سيبويه في منع الصرف مع من لظهور وصفه إذن كما ذكرنا، ولكون من مع مجروره كالمضاف إليه، ومن تمام افعل التفضيل من حيث المعني الوضعي، فلو نون لكان الثاني متصلا منفصلا، لان التنوين يشعر بالانفصال بسبب وجود علامته للوصف أعني من، بخلاف باب أحمر لعريه عن العلامة الدالة على الوصف " اه