وأجاز الكوفيون استعمالها في الزمان، أيضا، استدلالا بقوله تعالى: ( من أول يوم) 1، وقوله تعالى: (إذا نودي الصلاة من يوم الجمعة) 2، وقوله:
758 - لمن الديار بقنة الحجر * أقوين من حجح ومن دهر 3 وأنا لا أرى في الآيتين معنى الابتداء، إذ المقصود من معنى الابتداء في ( من)، أن يكون الفعل المتعدي بمن الابتدائية شيئا ممتدا، كالسير، والمشي ونحوه، ويكون المجرور بمن: الشئ الذي منه ابتداء ذلك الفعل نحو: سرت من البصرة أو يكون الفعل المتعدي بها أصلا للشئ الممتد، نحو: تبرأت من فلان إلى فلان، وكذا خرجت من الدار، لأن الخروج ليس شيئا ممتدا، إذ يقال: خرجت من الدار، إذ انفصلت عنها ولو بأقل من خطوة، وليس التأسيس والنداء حدثين ممتدين، ولا أصلين للمعنى الممتد، بل هما حدثان واقعان فيما بعد (من) وهذا معنى (في)، فمن في الآيتين بمعنى (في)، وذلك لأن (من)، في الظروف كثيرا ما تقع بمعنى (في) نحو: جئت من قبل زيد، ومن بعده، و: (ومن بيننا وبينك حجاب) 4، وكنت من قدامك، وقد ذكرنا ذلك في الظروف المبنية 5، وإقامة بعض حروف الجر مقام بعض غير عزيزة، وكذا الأقواء 6، لم يبتدئ من الحجج، بل المعنى من أجل مرور حجج وشهر، والظاهر مذهب الكوفيين، إذ لا منع من مثل قولك: نمت من أول الليل إلى آخرة، وصمت من أول الشهر إلى آخره، ،