فلا يمكن التوصل بمصادرها إلى التعجب منها، ولا إلى بيان التفضيل فيها، إذ لا مصدر منفيا لنحو: نبس، أو مصوغا 1 للمفعول لنحو جن، وكذا لا مصدر لنعم وبئس، ويذر ويدع، حتى يوقع 2 شيئا منها بعد ما أشد، وأشد منك، وربما استغنوا عن بعض ما يصح التعجب منه، بمثل التوصل المذكور كما لم يقل:
ما أقيله، استغناء بما أكثر قائلته 3، قوله: (ولا يتصرف فيهما بتقديم ولا تأخير)، كل واحد من التقديم والتأخير يستلزم الآخر، لأنك إذا قدمت شيئا على شئ، فقد أخرت المقدم عليه عن المقدم، يريد أنك لا تقول: زيدا ما أحسن، ولا: ما زيدا أحسن، ولا بزيد أحسن، لما ذكرنا من الوجهين في عدم تصرفهما في أنفسهما، وأما الفصل بين الفعلين، والمتعجب منه، فإن لم يتعلق الفصل بهما، فلا يجوز اتفاقا، للفصل بين المعمول وعامله الضعيف بالأجنبي، فلا يجوز:
لقيته فما أحسن أمس زيدا، على أن يتعلق (أمس) بلقيت، وكذا ان تعلق بهما وكان غير ظرف، نحو: ما أحسن قائما زيدا، وذلك لأنه نوع تصرف في علم التعجب 4، وإن كان بين الفعل والفضلة، وأما بالظرف فمنعه الأخفش 5 والمبرد، وأجازه الفراء والجرمي، وأبو علي، والمازني، نحو: ما أحسن بالرجل أن يصدق والحسن اليوم بزيد، وأجاز ابن كيسان توسيط الاعتراض بلولا الامتناعية، نحو: ما أحسن، لولا كلفه 6، زيدا، ويفصل بكان، وحدها، بين (ما) وأفعل، وهي مزيدة على ما ذكرنا في باب ،