ولم يجوز ذلك غيرهم، نظرا إلى لفظ (ما)، ولو لم يكن فيها معنى النفي، لم يصر الكلام مثبتا بمعنى الدوام، وأما توسط الخبر بين (ما) النافية والفعل، في هذه الأفعال، فلم يجوزه أحد منهم، لأنها لازمت هذه الأفعال حتى صارت كبعض حروفها، فلا يجوز: ما قائما زال زيد، كما جاز: ما قائما كان زيد، اتفاقا، وكل حكم ذكرناه في (ما) النفي، فهو ثابت في (إن) النافية، وأما غيرهما من حروف النفي نحو لم، ولن، ولا، فإذا انتفى بها الأفعال المذكورة، لم يجز توسيط الخبر بينها وبين الأفعال، اتفاقا، لما ذكرنا في (ما)، ويجوز تقديمها عليها، اتفاقا، لأنها ليست كما في طلب التصدير، كما مر في المنصوب على شريطة التفسير، وأما ليس، فالأكثرون على جواز تقديم خبرها عليها، ومنع الكوفية من ذلك، لأن مذهبهم أنها حرف، كما، فألحقوها بها، كإن، ووافقهم المبرد، وإن كان مذهبه أنها فعل، نظرا إلى عدم تصرفها ومشابهتها لما، ولنقصان فعليتها، جاز ترك نون الوقاية معها، كما في قوله:
إذ ذهب القوم الكرام ليس 1 - 380 ولذلك، أيضا، أجاز بعضهم ابطال عملها بإلا، كما في قولهم: ليس الطيب إلا المسك بالرفع، واستدل المجوز بقوله تعالى: (ألا يوم يأتيهم ليس مصروفا عنهم) 2، قالوا: لأن المعمول لا يجوز وقوعه إلا حيث يجوز وقوع العامل، ولا يطرد لهم ذلك، فإنك تقول: زيدا لن أضرب، ولم أضرب، ولا منع أن يقال:
ان (يوم يأتيهم) ظرف لليس، فإن الأفعال الناقصة تنصب الظروف لدلالتها على مطلق الحدث، ،