ولهذا نرى الكتاب العزيز، يقص فيه عن الأمم المختلفة الألسنة، باللسان العربي، وتقول: قال زيد: أنا قائم، وقلت لعمرو: أنت بخيل، رعاية للفظ المحكي، ويجوز: قال زيد هو قائم، وقلت لعمرو: هو بخيل، بالمعنى الأول، اعتبارا بحكاية الحال، فإن زيدا، وعمرا في حال الحكاية غائبان، ومنه قوله تعالى: (وقال الذين كفروا للذين آمنوا: لو كان خيرا ما سبقونا إليه) 1، والأول أكثر استعمالا، وكذا يجوز الوجهان فيما يؤدي معنى القول، قال تعالى: (تقاسموا بالله لنبيتنه) 2، و: (ليبيتنه) بالياء، والنون 3، وهذه الجملة المحكية منصوبة الموضع بكونها مفعولا بها، لا مفعولا مطلقا، على ما وهم المصنف كما تقدم في باب أعلم وأرى، وذلك لأن معنى قلت زيد قائم: قلت هذا اللفظ فهو مقول، وقد تقدم أن آية المفعول به: أن يطلق عليه اسم المفعول، كما تقول: ضربت زيدا فهو مضروب، ولا تقول ضربت ضربا فالضرب مضروب:
وكذا تقول: أنا قائل 4 زيد قائم، بالإضافة، والفاعل لا يضاف إلى مصدره، فلا يقال:
زيد ضارب الضرب القوي، والذي أوهم المصنف، قولهم إن معنى قلت زيد قائم: قلت هذا القول، وذهل عن أن القول يطلق على المقول، فلما ثبت كون الجملة منصوبة المحل في موضع المفعول به، قلنا يجوز عطف المفرد عليها، منصوبا، نحو: قلت: إما زيد قائم أو لفظا آخر مثله 5، ،