لا تضرب، رفعه مخلص لكون (لا) للنفي، دون النهي، وجزمه دليل على كونها للنهي، ونحو قولك: لا تأكل السمك وتشرب اللبن، نصب (تشرب) دليل على كون الواو للصرف 1، وجزمه دليل على كونها للعطف.
ونحو قولك: ما بالله حاجة فيظلمك 2، نصب (يظلم) دليل على كون الفاء للسببية، ورفعه على كونها للعطف، ونحو: ليضرب، جزمه دليل على كون اللام للأمر، ونصبه، على كونها لام (كي)، أو لام الجحود، ويتغير المعنى بكل واحد من الأعرابات المذكورة، ثم طرد الحكم فيما لا يلتبس فيه معنى بمعنى، نحو:
يضرب زيد، ولن يضرب زيد، ولم يضرب زيد، كما طرد الأعراب في الاسم فيما لم يلتبس فيه الفاعل بالمفعول نحو: أكل الخبز زيد، سواء كانت المواضع الملتبسة في الاسم أو في الفعل أكثر من غير الملتبسة، أو أقل أو مساوية لها، فإنه قد يطرد في الأكثر، الحكم الذي ثبتت علته في الأقل، كحذفهم الواو في: تعد ونعد وأعد، لحذفهم لها في: يعد 3، وكذا، حذفوا الهمزة في: يكرم ونكرم وتكرم، لحذفهم لها في أكرم 4.
قوله: (فالهمزة للمتكلم مفردا)، تبيين لمعاني حروف المضارعة، ليعلم أنها لا تكون للمضارعة إلا باعتبار معانيها، وإلا، ففي أول (أكرمت) أيضا، همزة، وليست للمتكلم، لثبوتها مع الغائب والمخاطب، فلا يكون الفعل بسببها مضارعا.
فالهمزة للمتكلم وحده، مذكرا كان أو مؤنثا، والنون للمتكلم مع غيره، سواء كانا مذكرين أو مؤنثين أو مختلفين، وكذا يصلح للجمع بالاعتبارات الثلاثة، ويقول الواحد المعظم، أيضا: نفعل، وفعلنا، وهو مجاز عن الجمع، لعدهم المعظم كالجماعة، ولم يجئ للواحد الغائب والمخاطب المعظمين: فعلوا، وفعلتم، في الكلام القديم المعتد به، وإنما هو استعمال المولدين.
.