الترتيب، أما البندنيجي فلم يفطن لهذا النظام الذي لا يكون المعجم معجما تاما إلا به، وكتابه ليس في حاجة إلى هذا النظام المعجمي الدقيق الذي أسسه الجوهري قبل كل رواد المعجمات ومؤلفيها.
والحكم للجوهري بالسبق والابتكار والتفرد حقه وحده في هذا المنهج الذي سار عليه في صحاحه، ولا يعد البندنيجي ممن أدركوا منهج الصحاح، وكل ما اتفقا فيه أن البندنيجي اعتمد أواخر الكلمات، وكذلك الجوهري، ولكنهما يفترقان في هذه المزية أيضا، فالبندنيجي اعتمد على الحرف الأخير في الكلمة وإن لم يكن لام الكلمة، أما الجوهري فلم يعتمد إلا على لام الكلمة وحدها.
ولو كان عمل البندنيجي ومنهجه عمل الجوهري نفسه ومنهجه عينه دون أن يطلع اللاحق على عمل السابق لكان كلاهما مبتكرا وسابقا، أما وأن عمل البندنيجي ونهجه يختلفان كل الاختلاف عن منهج الجوهري وعمله فإن راية السبق والابتكار والاجتهاد والريادة والإمامة تبقى بيد الجوهري وحده دون منازع فهيم.
وليس من الحق في شئ عقد مقارنة بين البندنيجي والجوهري، بل من الاسراف في الظلم الحكم للبندنيجي على الجوهري، ولكنه حكم غير مقبول، بل يرده كل ذي معرفة بمناهج المعجمات العربية.
وآخر كلمة نقولها: ليس كل سابق في الزمن إماما، وما أشبه الجوهري بالامام في الصلاة، يتأخر حضوره إلى المسجد عمن سبقوه إليه فيتقدمهم إلى محراب الإمامة دون نزاع أو جدال.
وكذلك الجوهري الامام الفذ المبتكر السابق على كل من سار على نهجه، بل هو الامام السابق الفاذ على التحقيق.
تكملة وصلة عند ما كتبت البحث الذي نشرته بين مقدمات الطبعة الثانية من " الصحاح " " لم يكن العلامة البحاثة المحقق الكبير الدكتور إبراهيم السامرائي قد نشر بحثه العظيم في " صحاح " الجوهري و " تقفية " البندنيجي تحت عنوان " لا قياس بين صحاح الجوهري وتقفية البندنيجي ".
ولما كان من المتعذر على كل قارئ شراء " الصحاح " فقد رأيت نشر رأيي في ابتكار الجوهري صحاحه ليقف القارئ على الحق الذي خفي على حمد الجاسر الذي لم يفرق بين