397 ه، وتوفي الزمخشري سنة 528 ه، مما يثبت ثبوتا قاطعا أن البرمكي أسبق.
وكتب عن الصحاح وقيمته العلمية ومزاياه وأثره في محيط العربية والتأليف اللغوي والمعجمي بحثا جديدا غنيا بالمادة العلمية.
وما أشك أن الصحاح أجدر معجم بالنشر، لأنه يمتاز عن كل المعجمات التي عاصرته أو سبقته بميزات منها: أن المعجمات العربية التي سبقته أو ألفها أصحابها في عصر الجوهري أو بعده بقرن ليست سهلة أمام الباحث - باستثناء المجمل والمقاييس لابن فارس - بل هي صعبة، وهي متيهة تجهد الباحث وتعييه، فكتاب العين للخليل بن أحمد - الذي يعد أول معجم في العربية كلها إذ لم يؤلف معجم قبله، لان الخليل هو مبتكر فن تأليف المعجمات في العربية كلها، كما ابتكر علم العروض - ليس سهلا أمام من يريد أن يبحث فيه عن كلمة مغلقة المعنى، لأنه سار على نظام مغلق الأبواب، ألا وهو ذكره الكلمة ومقلوباتها، مثل: قبل، تقلب إلى: قلب وبقل وبلق ولبق ولقب، فإذا أردنا كلمة منها لا نعرف في أي الأبواب ذكرت، لأننا لا نعرف أيها الأصل وأيها الفرع.
سار على نهج العين ابن دريد في كتاب " الجمهرة " والأزهري في " تهذيب اللغة " وكلاهما مثل كتاب العين في الصعوبة والوعورة.
وكان الناس قبيل الصحاح لا يفيدون من المعجمات المعدودات، بل كان العلماء أنفسهم لا يستطيعون الوصول إلى الكلمات التي يريدون الوقوف على معانيها إلا بجهد جهيد، حتى الف الجوهري صحاحه فمهد الطريق وعبده أمام الناس، حتى الشادي نفسه يستطيع بقليل من المعرفة بالمعاجم وطريقة البحث فيها أن يهتدي إلى ضالته من الكلمات.
ومن هنا كانت مزية الصحاح على كل المعجمات التي سبقته أو عاصرته.
وإذا يسر الله من يحققه تحقيقا علميا دقيقا، ووفق له من ينشره نشرا رائعا جميلا فإن ذلك من آيات حفظ الله للغة القرآن والسنة بحفظ أمثال " الصحاح " ونشره ليعم به النفع، وتصان اللغة.