النسخ في مكتبات كثير من العلماء.
أما النسخة التي اعتمدها الأستاذ العطار ووثق بها فهي مخطوطة شيخ الاسلام عارف حكمت في المدينة المنورة، ويعود تاريخها إلى سنة 686 ه / 1287 م، وكانت أساسا، وإلى جانبها مخطوطة القاضي البصري، ويعود تاريخها إلى منتصف القرن الخامس الهجري / الحادي عشر للميلاد، وقد وجدها في خزانة الأستاذ محمد خليل عناني من أهل مكة المكرمة. ولم تكن نسخة دار الكتب المصرية بعيدة عنه أيام كان يقوم بالتحقيق.
والعطار يعرف أن في مكتبات العالم نسخا كثيرة مخطوطة من " الصحاح " وفي بعض هذه المكتبات أكثر من نسخة واحدة.
كان الأستاذ العطار واعيا مهمته حين شرع يعمل في " الصحاح "، مدركا أنه مسلح بالأسلحة اللازمة لمثل هذا التحقيق الكبير، مطلعا على ما جاء في المعاجم السابقة واللاحقة، متملكا العقل الواعي، والذوق السليم، والقدرة على الحكم العادل.
لقد أدرك أن في الصحاح مزايا، وأن فيه هنات.
ذكر أن مزاياه تتجلى في التماس الجوهري الصحيح الذي لا خلاف فيه، وسهولة تناول ما جاء فيه، واختصاره في الشرح والتفصيل، وتركه الفضول الذي لا غناء فيه، وجمال أسلوبه في الشرح، وذكره شواهده من الشعر الرفيع وكلام العرب غير المصنوع، وتجاوزه ذكر أسماء من ينقل عنهم - غالبا - رغبة في الايجاز، وعنايته بمسائل النحو والصرف، وإشارته إلى الضعيف والمنكر والمتروك والردئ المذموم من اللغات، وإلى العامي والمولد، والمعرب، والاتباع والازدواج والمشترك والمفاريد والنوادر، والألفاظ التي لم تأت في الشعر الجاهلي وذكرها في الاسلام، وإلى الأضداد...
كذلك عني الصحاح بالاشتقاق الكبير - أو المقاييس كما يسميه ابن فارس - وهو دوران المادة حول معنى أو معان تشترك فيها المفردات المتولدة من مادة واحدة، وهو في الصحاح جد كثير.