ومضر، ثم عاد إلى خراسان، واستقر فيها حقبة، ثم ارتحل عنها إلى نيسابور فأقام فيها مدرسا ومؤلفا ومعلما للخط.
في نيسابور ألف إسماعيل بن حماد الجوهري " الصحاح " وصنفه لأبي منصور عبد الرحيم البيشكي، وكان هذا أديبا واعظا أصوليا مقدرا بين الناس.
ويبدو أن ثمن العبقرية غال على طول الزمن، فلقد دفع الجوهري ثمنها باهظا، تحدثنا كتب التراجم أنه " اعترت الجوهري وسوسة، فمضى إلى الجامع القديم بنيسابور وصعد إلى سطحه محاولا الطيران، وأنه قال بعد أن صعد إلى السطح: أيها الناس! إني عملت في الدنيا شيئا لم أسبق إليه، فسأعمل للآخرة أمرا لم أسبق إليه. وضم إلى جنبيه مصراعي باب وتأبطهما بحبل، وزعم أنه يطير، فألقى بنفسه من أعلى مكان في الجامع فمات.
ويرجح الباحثون أن وفاته سنة 393 ه / 1002 م.
* * * من حسن حظ اللغة العربية أن عوامل الدمار التي مرت على هذه الأمة فقضت على كثير من تراثها وروائعها، لم تصل إلى " صحاح " الجوهري، وظل بنجوة منها.
وصل هذا الأثر إلينا - كما يقول العطار - من ثلاث طرق:
أولا: طريق البيشكي الذي ألف الجوهري الصحاح له.
ثانيا: طريق ابن عبدوس الذي سمع عليه الهروي.
ثالثا: الوراق الذي بيض من الصحاح ما كان على سواده بعد موت مؤلفه.
وهناك طريق أخرى هي طريق " محمد بن تميم البرمكي " الذي نقل " الصحاح " واستبدل بترتيب مؤلفه ترتيبا آخر جديدا، سنتحدث فيه حين نفصل القول في " المقدمة ".
إضافة إلى هذا فإن عددا من النساخين نسخ الصحاح، وكانت هذه