وكان (عليه السلام) يوصي أبناءه بالتحلي بالحلم والصفح عمن أساء إليهم، فقد جاء في وصيته لهم: " يا بني، إني أوصيكم بوصية من حفظها انتفع بها، إذا أتاكم آت فأسمع أحدكم في الأذن اليمنى مكروها ثم تحول إلى اليسرى فاعتذر لكم وقال:
إني لم أقل شيئا، فاقبلوا عذره ".
وقد روى المؤرخون مزيدا من الروايات في سعة حلمه وكظمه للغيظ ومقابلته الإساءة بالإحسان، منها:
1 - روى الحسن بن محمد بن يحيى العلوي، عن جده يحيى بن الحسن، عن غير واحد من أصحابه، أن رجلا من ولد عمر بن الخطاب كان بالمدينة يؤذيه ويشتم عليا، قال: وكان قد قال له بعض جلسائه: دعنا نقتله، فنهاهم عن ذلك أشد النهي، وزجرهم أشد الزجر، وسأل عن العمري: فذكر له أنه يزدرع بناحية من نواحي المدينة، فركب إليه في مزرعته فوجده فيها، فدخل المزرعة بحماره فصاح به العمري: لا تطأ زرعنا، فوطئه بالحمار حتى وصل إليه، فنزل فجلس عنده وضاحكه، وقال له: كم غرمت في زرعك هذا؟ قال له: مائة دينار. قال:
فكم ترجو أن يصيب؟ قال: أنا لا أعلم الغيب. قال: إنما قلت لك: كم ترجو أن يجيئك فيه؟ قال: أرجو أن يجيئني مائتا دينار. قال: فأعطاه ثلاثمائة دينار، وقال: هذا زرعك على حاله. قال: فقام العمري فقبل رأسه وانصرف، قال:
فراح إلى المسجد فوجد العمري جالسا، فلما نظر إليه قال: الله أعلم حيث يجعل رسالته. قال: فوثب أصحابه فقالوا له: ما قصتك؟ قد كنت تقول خلاف هذا!
قال: فخاصمهم وشاتمهم، قال: وجعل يدعو لأبي الحسن موسى (عليه السلام) كلما دخل وخرج.