وزخارفها، فقد اتجه إلى الله ورغب فيما أعده له في دار الخلود من النعيم والكرامة، وكان (عليه السلام) دوما يتلو على أصحابه سيرة أبي ذر الصحابي العظيم الذي ضرب المثل الأعلى لنكران الذات والتجرد عن الدنيا والزهد في ملاذها، فقال (عليه السلام): رحم الله أبا ذر، فلقد كان يقول: جزى الله الدنيا عني مذمة بعد رغيفين من الشعير أتغدى بأحدهما وأتعشى بالآخر، وبعد شملتي الصوف ائتزر بإحداهما وأتردى بالأخرى (1).
وفيما يلي نورد بعض ما جاء من سيرته الدالة على زهده وإعراضه عن الدنيا:
1 - عن إبراهيم بن عبد الحميد، قال: دخلت على أبي الحسن الأول (عليه السلام) في بيته الذي يصلي فيه، فإذا ليس في البيت إلا خصفة وسيف معلق (2). وهذا يدل على منتهى الزهد وغاية البساطة في حياة الإمام (عليه السلام)، فقد كان بيته بسيطا ولا يحتوي على شيء من الأمتعة البسيطة التي تضمها بيوت الفقراء، وقد كانت تجبى له الأموال الطائلة والحقوق الشرعية من مختلف ديار الإسلام، وكان يملك اليسيرية وساية وغيرهما من الضياع والأراضي الزراعية في ساية ونقمى وسواهما التي تدر عليه الأموال الطائلة، فاختار (عليه السلام) أن ينفقها بسخاء على البائسين والمحرومين في سبيل الله وابتغاء مرضاته معرضا عن الدنيا متجردا عن زخارفها.
2 - ذكر ابن عمار وغيره من الرواة: أنه لما خرج الرشيد إلى الحج وقرب