قد زالت الشمس، إذ يثب فيبتدئ بالصلاة من غير أن يجدد وضوءا، فاعلم أنه لم ينم في سجوده ولا أغفى، فلا يزال كذلك إلى أن يفرغ من صلاة العصر.
فإذا صلى العصر سجد سجدة فلا يزال ساجدا إلى أن تغيب الشمس، فإذا غابت الشمس وثب من سجدته فصلى المغرب من غير أن يحدث حدثا، ولا يزال في صلاته وتعقيبه إلى أن يصلي العتمة، فإذا صلى العتمة أفطر على شوي يؤتى به، ثم يجدد الوضوء، ثم يسجد ثم يرفع رأسه، فينام نومة خفيفة، ثم يقوم فيجدد الوضوء، ثم يقوم، فلا يزال يصلي في جوف الليل حتى يطلع الفجر، فلست أدري متى يقول الغلام: إن الفجر قد طلع، إذ قد وثب هو لصلاة الفجر، فهذا دأبه منذ حول إلي.
فقلت: اتق الله ولا تحدثن في أمره حدثا يكون منه زوال النعمة، فقد تعلم أنه لم يفعل أحد بأحد منهم سوءا إلا كانت نعمته زائلة.
فقال: قد أرسلوا إلي في غير مرة يأمروني بقتله فلم أجبهم إلى ذلك، وأعلمتهم أني لا أفعل ذلك، ولو قتلوني ما أجبتهم إلى ما سألوني (1).
7 - قال بعض العيون الذين وكلتهم السلطة لمراقبته في السجن: كنت أسمعه كثيرا يقول في دعائه: اللهم إنك تعلم أنني كنت أسألك أن تفرغني لعبادتك، اللهم وقد فعلت، فلك الحمد (2).