سيما وصية لهشام بن الحكم، والتي تعد منهاجا تربويا في الحكمة والأدب والأخلاق، وسنأتي على ذكرها في مواعظه وحكمه (عليه السلام).
وفيما يلي نورد أهم الروايات وأكثرها ذيوعا في المصادر التي ترجمت له (عليه السلام)، والدالة على غزارة علمه الذي لا يحد وفقهه الذي لا يجارى:
١ - روي عن أبي حنيفة النعمان بن ثابت، قال: دخلت المدينة فأتيت أبا عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام) فسلمت عليه، وخرجت من عنده فرأيت ابنه موسى في دهليزه قاعدا في مكتبه، وهو صغير السن (١)، فقلت: أين يضع الغريب إذا كان عندكم، إذا أراد ذلك؟ فنظر إلي ثم قال: يجتنب شطوط الأنهار، ومساقط الثمار، وأفنية الدار، والطرق النافذة، والمساجد، ويضع بعد ذلك أين شاء.
فلما سمعت هذا القول نبل في عيني، وعظم في قلبي، وقلت له: جعلت فداك، ممن المعصية؟ فنظر إلي ثم قال: اجلس حتى أخبرك. فجلست فقال: إن المعصية لا بد أن تكون من العبد، أو من ربه، أو منهما جميعا. فإن كانت من الرب فهو أعدل وأنصف من أن يظلم عبده ويؤاخذه بما لم يفعله، وإن كان منهما جميعا فهو شريكه، فالقوي أولى بإنصاف عبده الضعيف، وإن كانت من العبد وحده فعليه وقع الأمر، وإليه توجه النهي، وله حق الثواب والعقاب، ولذلك وجبت له الجنة والنار.
فلما سمعت ذلك قلت: ﴿ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم﴾ (2).
وقد نظم بعض الشعراء معنى قوله (عليه السلام) شعرا، فقال: