سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٦ - الصفحة ٢٧١
ثم قال الخطيب: أنبأنا الحسن بن أبي بكر، أنبأنا الحسن بن محمد بن يحيى العلوي، حدثني جدي يحيى بن الحسن بن عبيد الله بن الحسين بن علي بن الحسين قال: كان موسى بن جعفر يدعى العبد الصالح من عبادته واجتهاده.
روى أصحابنا أنه دخل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فسجد سجدة في أول الليل، فسمع وهو يقول في سجوده: عظم الذنب عندي فليحسن العفو من عندك، يا أهل التقوى، ويا أهل المغفرة. فجعل يرددها حتى أصبح.
وكان سخيا كريما، يبلغه عن الرجل أنه يؤذيه فيبعث إليه بصرة فيها ألف دينار. وكان يصر الصرر بثلاث مئة دينار، وأربع مئة، ومئتين، ثم يقسمها بالمدينة، فمن جاءته صرة، استغنى. حكاية منقطعة، مع أن يحيى بن الحسن متهم.
ثم قال يحيى هذا: حدثنا إسماعيل بن يعقوب، حدثنا محمد بن عبد الله البكري، قال: قدمت المدينة أطلب بها دينا فقلت، لو أتيت موسى بن جعفر فشكوت إليه، فأتيته بنقمي (1) في ضيعته، فخرج إلي، وأكلت معه، فذكرت له قصتي فأعطاني ثلاث مئة دينار. ثم قال يحيى: وذكر لي غير واحد، أن رجلا من آل عمر كان بالمدينة يؤذيه ويشتم عليا، وكان قد قال له بعض حاشيته: دعنا نقتله، فنهاهم، وزجرهم.
وذكر له أن العمري يزدرع بأرض، فركب إليه في مزرعته، فوجده، فدخل بحماره، فصاح العمري لا توطئ زرعنا. فوطئ بالحمار حتى وصل إليه، فنزل عنده وضاحكه. وقال: كم غرمت في زرعك هذا؟ قال: مئة دينار. قال: فكم ترجو؟ قال: لا أعلم الغيب وأرجو أن يجبيئني مئتا دينار. فأعطاه ثلاث مئة دينار.

(1) جانب أحد، وهو موضع من أعراض المدينة. كان لآل أبي طالب.
(٢٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 266 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 ... » »»