وقال في خبر آخر: " إنه يخرج هذا في أمثاله وفي أشباهه وفى ضربائه يأتيهم الشيطان من قبل دينهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، لا يتعلقون من الإسلام بشيء ".
والعجب أن هؤلاء قد تقمصوا الزهد، وعليهم سيماء العابدين أو هيئة الزاهدين، بيد أنهم - من منظار رسول الله (صلى الله عليه وآله) - من الدين خارجون، وعن الحق والحقيقة بعيدون، وهم الذين كانوا يسمون أنفسهم " القراء " أيضا، في حين أبان النبي (صلى الله عليه وآله) هذه الصفة وجلى طبيعتها أيضا، فقد قال (صلى الله عليه وآله): " يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم! ".
ويحسن بنا أن نتحدث بإجمال عن مصطلح " القراء "؛ لما كان له من أرضية اجتماعية في التاريخ الإسلامي.
تيار القراء وتبلوره كان في المجتمع الإسلامي أشخاص مشهورون بحسن القراءة، وحظي هؤلاء بشعبية لافتة للنظر، وإقبال حسن بين الناس، حتى غدا عنوان " القارئ " امتيازا له أثر في تعيين المناصب أحيانا (1).
وقد ازداد عددهم بمرور الأيام، وكانوا يحلقون رؤوسهم على طريقة خاصة (2)، ويضعون عليها برانس خاصة لتمييزهم عن غيرهم، فعرفوا ب " أصحاب البرانس ".