بادر إليه الإمام من تنوير العقول وتبصير الناس وتوعيتها عبر هذه الرسائل، فقد عمد فيها للدفاع عن نفسه على أحسن وجه (1)، وأتم الحجة على معاوية والمخدوعين من أتباعه. كما ترك للتأريخ ولمن يأتي بعده وثيقة حوت ما جرى بينه وبين معاوية. لقد التزم الإمام جانب الحذر بعمله بحيث لم يدع معاوية يحقق أيا من الأهداف التي كان يصبو إليها من حربه الدعائية كما يريد.
4 / 17 كتاب محمد بن أبي بكر إلى معاوية 2406 - وقعة صفين عن عبد الله بن عوف بن الأحمر: كتب محمد بن أبي بكر إلى معاوية:
بسم الله الرحمن الرحيم. من محمد بن أبي بكر إلى الغاوي ابن صخر. سلام على أهل طاعة الله ممن هو مسلم لأهل ولاية الله.
أما بعد؛ فإن الله بجلاله وعظمته وسلطانه وقدرته خلق خلقا بلا عنت (2) ولا ضعف في قوته، ولا حاجة به إلى خلقهم، ولكنه خلقهم عبيدا، وجعل منهم شقيا وسعيدا، وغويا ورشيدا، ثم اختارهم على علمه، فاصطفى وانتخب منهم محمدا (صلى الله عليه وآله)؛ فاختصه برسالته، واختاره لوحيه، وائتمنه على أمره، وبعثه رسولا مصدقا لما بين يديه من الكتب، ودليلا على الشرائع، فدعا إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة؛ فكان أول من أجاب وأناب، وصدق ووافق، وأسلم وسلم - أخوه وابن عمه علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فصدقه بالغيب المكتوم،