فالشئ الجزمي أن الإمام لم يلج مضمار هذه الحرب الدعائية من دون حكمة، ولكي نتلمس الحكمة من وراء مكاتبات الإمام يتحتم أن نعرف في البدء طبيعة الأهداف التي كان يتوخاها معاوية من إطلاق الحرب الدعائية ضد الإمام.
أهداف معاوية قبل أن ندلف إلى تبيين الأهداف التي كان يصبو إليها معاوية من الحرب الدعائية، من الضروري أن نشير إلى أن الرسائل السياسية كانت تعد في ذلك العصر واحدة من أهم أدوات الحرب النفسية والدعائية. ففي ذلك العهد كانت وسائل الإعلام تقتصر على الخطب العامة والرسائل، ومن الطبيعي أن يكون للرسائل فاعلية إعلامية تفوق ما للخطابة. وربما استطعنا أن نقارب التأثير الإعلامي للرسائل في ذلك العصر بما للصحافة المعاصرة من موقع في وقتنا الحاضر.
لقد بادر معاوية إلى شن حرب دعائية شاملة ضد الإمام قبل أن تبدأ لحظة الاشتباك العسكري المباشر معه. فبالاستناد إلى مرتكزات نهجه السياسي رام معاوية من وراء حرب الدعاية هذه أن يهيئ الأرضية الاجتماعية للالتحام العسكري المباشر، حيث وظف في هذه الحرب آلية الخطابة وآلية الرسالة في الوقت ذاته.
لقد كان يبغي من وراء حربه الدعائية تحقيق عدد من الأهداف، هي:
1 - اتهام الإمام بقتل عثمان يركز الشطر الأعظم من كتب معاوية إلى الإمام على هذا الموضوع. أما البواعث التي أملت على معاوية اتهام الإمام بالتورط بقتل عثمان، فقد تمثلت - من جهة - بالطعن بأهلية الإمام في تسنم الخلافة، كما تحركت - من جهة ثانية -