وكان القراء متفرقين في مكة، والمدينة، والشام، والكوفة، لكن معظمهم كان في الكوفة (1). ولم يشتركوا في الشؤون السياسية غالبا، بيد أنهم طفقوا ينتقدون عثمان في أيام خلافته، ولم يطق انتقادهم وتعنيفهم فنفاهم، ولهم في الثورة عليه وقتله دور أيضا.
دور القراء في جيش الإمام علي كان القراء - بسابقتهم الفكرية والسياسية والاجتماعية هذه - يشكلون قسما لافتا للنظر من جيش الإمام (عليه السلام)، وعرفوا بالشجاعة والإقدام والقتال، وكان لهم موقع في جيشه (عليه السلام)، بحيث إنهم لما أبيدوا في النهروان تركوا فراغا مشهودا في الجيش. ويدل على موقعهم أيضا أن معاوية عندما شن غاراته، وحث الإمام (عليه السلام) جنده على الدفاع عن الثغور، فلم يسمع جوابا منهم، قال أحد أصحابه:
" ما أحوج أمير المؤمنين (عليه السلام) ومن معه إلى أصحاب النهروان! " (2).
القراء وفرض التحكيم على الإمام مما يؤسف له أن هؤلاء القراء بماضيهم المعروف قد خدعتهم - وهم في جيش الإمام (عليه السلام) - المكائد الخفية لمعاوية وعمرو بن العاص وعملائهما، بسبب تطرفهم، وإفراطهم أو تعمقهم على حد تعبير النبي (صلى الله عليه وآله)، ففرضوا التحكيم على الإمام (عليه السلام).
لقد احتال ابن العاص وسول للجيش مكيدته في وقت أوشك أن يطوى فيه