أبي طالب (عليه السلام): أما بعد، فإن الهوى يضل من اتبعه، والحرص يتعب الطالب المحروم، وأحمد العاقبتين ما هدى إلى سبيل الرشاد. ومن العجب العجيب ذام ومادح، وزاهد وراغب، ومتوكل وحريص، كلاما ضربته لك مثلا لتدبر حكمته بجميع الفهم، ومباينة الهوى، ومناصحة النفس.
فلعمري يا بن أبي طالب، لولا الرحم التي عطفتني عليك، والسابقة التي سلفت لك، لقد كان اختطفتك بعض عقبان أهل الشام، فصعد بك في الهواء ثم قذفك على دكادك شوامخ الأبصار، فألفيت كسحيق الفهر (1) على صن (2) الصلابة لا يجد الذر (3) فيك مرتعا.
ولقد عزمت عزمة من لا يعطفه رقة الإنذار، إن لم تباين ما قربت به أملك وطال له طلبك، لأوردنك (4) موردا تستمر الندامة إن فسح لك في الحياة، بل أظنك قبل ذلك من الهالكين، وبئس الرأي رأي يورد أهله إلى المهالك، ويمنيهم العطب إلى حين لات مناص. وقد قذف بالحق على الباطل، وظهر أمر الله وهم كارهون، ولله الحجة البالغة والمنة الظاهرة. والسلام (5).
9 / 15 جواب الإمام لكتاب معاوية 2537 - كنز الفوائد: من عبد الله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب إلى معاوية بن