مع كل الرصيد الضخم الذي يحظى به أمير المؤمنين (عليه السلام) وما له من سابقة مشرقة في هذا الدين، إلا بتهديم تلك القداسة في الأذهان والنيل من هالته في الوجدان الشعبي، عبر عمل دعائي مكثف تتخلله عناصر التضليل والخداع. وما الرسائل التي بعث بها للإمام إلا خطوة في هذا الاتجاه، ثم جاء سبه من على المنابر استكمالا لهذا النهج.
حكمة أجوبة الإمام لمعاوية والآن نتساءل: ما الذي كان سيقع لو أن الإمام تراجع في هذه الحرب الدعائية؟ وماذا لو لم يفتح باب المكاتبة مع معاوية بحسب تفكير ابن أبي الحديد؟ وماذا سيكون لو أهمل كلام معاوية وبرامجه على هذا الصعيد ولم يرد عليها؟ هل كان معاوية يختار الصمت مثلا ويكف عن حربه الدعائية الشعواء ضد الإمام؟
لا ريب أن سياسة السكوت في مقابل الأمواج الدعائية العاتية التي يبثها معاوية كانت ستنتهي بضرر الإمام. فسكوت الإمام كان معناه تأييدا منه لكل تهم معاوية.
إنه من السذاجة بمكان أن نتصور بأن الإمام لو لم يفتح باب المكاتبة مع معاوية، لما كان معاوية قد شرع بحربه الدعائية ضد الإمام أو أنه كان ينثني عن إدامتها، بل الذي لا نشك فيه أن سكوت الإمام - لو حصل - كان يستتبع تصعيد وتيرة هذه الحرب وتأجيج نيرانها أكثر.
إن كتب الإمام وأجوبته لم تعمل على تعطيل الفعل الدعائي الماكر لمعاوية وحسب، بل تحولت إلى وثيقة في التأريخ تثبت أحقية الإمام. فإضافة إلى ما