أصلي وأنام، وأصوم وأفطر، وأضحك وأبكي؛ فمن رغب عن منهاجي وسنتي فليس مني " (1).
وكان (صلى الله عليه وآله) ينظر في مرآة الزمان إلى أفراد من أمته يناهضون الحق لإفراطهم وتطرفهم، ويصرون على موقفهم إصرارا سرعان ما يبعدهم عن الدين وحقائقه، ولذا قال في حقهم: " إن أقواما يتعمقون في الدين يمرقون كما يمرق السهم من الرمية ".
وقال مشيرا إلى علامات هؤلاء: " إن فيكم قوما يعبدون ويدأبون يعني يعجبون الناس وتعجبهم أنفسهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ".
فالتعمق هو التطرف والإفراط، وإذا ما جعل ميزانا لأفعال الآخرين فلا ينتج إلا الحكم الجائر؛ فيرى الحق دوما في جانبه، وليس للآخرين حظ منه، وهذا النوع من الرؤى هو الذي يسبب الفرقة، ويستبتع الزيغ ويوجد الشقاق، وبالتالي فيصبح دغامة للكفر، وحسبنا في المقام كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) في بيان هذه الحقيقة، وأن التعمق أحد أسس الكفر، إذ يقول:
" والكفر على أربع دعائم: على التعمق، والتنازع، والزيغ، والشقاق؛ فمن تعمق لم ينب إلى الحق " (2).
ومثل هؤلاء المتعمقين بتماديهم في ظنونهم وأوهامهم، وإغراقهم في أفكارهم، ومن ثم أساليبهم المفرطة، لا يجدون مجالا للإنابة إلى الحق، ومن