أزال أعمل فيها الفكر والعقل كي أجمعها في عقد مكين، وكنت في كل ذلك أتذرع بالصبر والتؤدة وأستعين بمواصلة الاستقراء. فعسى أن أكون قد وفيت عمرا حقه مما كاد أن تعفيه يد الدهر ويطمس معالمه كر السنين، وعسى أن أكون قد وفيت التاريخ بعض حقه بإثبات ذكر بطل من أبطاله.
ولا يفوتني أن أسدي جزيل شكري إلى كل من حضرات أساتذتي الأجلاء: حضرة صاحب العزة إسماعيل رأفت بك، والدكتور طه حسين، والشيخ عبد الوهاب النجار، والشيخ محمد الخضري بك، لما قاموا لي به من المساعدات الجليلة - وكذا إلى كل من حضرتي الأستاذين يوسف أفندي محمد، المفتش بلجنة حفظ الآثار العربية بوزارة الأوقاف، والشيخ محمد مختار يونس، المدرس بمدرسة البنات الثانوية بالقاهرة.
وقبل أن أختم كلمتي يجدر بي أن أذكر شيئا يسيرا عما تؤديه الجامعة المصرية من الخدمات الجليلة للعلم والمتعلمين، وهو أمر يجهله الكثيرون من الناس، حتى أن بعضهم ليزعم أن الحصول على شهادة (الدكتوراه) أمر يسير لا يتطلب سوى الانتساب إلى كلية الآداب وكفى - وهذا غير صحيح - لأنه لو كان لهذا الزعم أثر من الصحة، لأصبح من السهل جدا الحصول على هذه الشهادة، ولما رأينا عدد الحائزين لها من القلة والندرة بهذا القدر، ذلك لأن مجرد الانتساب لا ينيل شهادة الدكتوراه، هذا إذا كان الالتحاق بالجامعة أمرا سهلا، مع أنه لا بد أن يكون الطالب حائزا لشهادة الدراسة الثانوية قسم ثان أو ما يعادلها - فإن الطالب يتلقى آداب اللغة العربية وتاريخها، وتاريخ آداب اللغة الإنجليزية أو الفرنسية، وتاريخ الأمم الإسلامية، وتاريخ الشرق القديم، والجغرافيا وعلم وصف الشعوب، والفلسفة العربية وعلم الأخلاق، والفلسفة العامة وتاريخها، ومقارنة الآداب واللغات السامية - ولا يجوز له أن يتقدم