الشيعة في أحاديث الفريقين - السيد مرتضى الأبطحي - الصفحة ٢٦٢
عن ابن فضال، عن عاصم بن حميد، عن الثمالي، عن حبيش بن المعتمر قال:
دخلت على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وهو في الرحبة متكئ، فقلت: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته كيف أصبحت؟ قال: فرفع رأسه ورد علي وقال: أصبحت محبا لمحبنا، مبغضا لمن يبغضنا، ان محبنا ينتظر الروح والفرج في كل يوم وليلة، وان مبغضنا بنى بناءا فأسس بنيانه على شفا جرف هار (1) فكان بنيانه هار فأنهار به في نار جهنم، يا أبا المعتمر ان محبنا لا يستطيع أن يبغضنا، قال: ومبغضنا لا يستطيع أن يحبنا ان الله تبارك وتعالى جبل قلوب العباد على حبنا، وخذل من يبغضنا، فلن يستطيع محبنا يبغضنا، ولن يستطيع مبغضنا يحبنا، ولن يجتمع حبنا وحب عدونا في قلب أحد: (ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه) (2) (3) يحب بهذا قوما ويحب بالآخر أعداءهم، فكنى عن ذلك بذكر القلبين لان الاتباع يصدر عن الاعتقاد والاعتقاد من أفعال القلوب فكما لا يجتمع قلبان في جوف

(١) قال الراغب: شفا البئر والنهر طرفه، ويضرب به المثل في القرب من الهلكة قال تعالى: (على شفا جرف هار) وقال: يقال للمكان الذي يأكله السيل فيجرفه أي يذهب به جرف، ويقال: هار البناء يهور إذا سقط نحور أنهار قال تعالى: (على شفا جرف هار فأنهار به في نار جهنم) (البراءة (٩):
١٠٩) وقرأ هار يقال: بئر هار وهار وهائر ومنهار، ويقال: أنهار فلان إذا سقط من مكان عال، ورجل هار وهائر ضعيف في أمره تشبيها بالبئر الهائر.
(٢) الأحزاب (٣٣): ٤.
(٣) الخبر يدل على أن المراد بعدم القلبين عدم أمرين متضادين في انسان واحد، كالايمان والكفر وحب رجل وبغضه أو ما يستلزم بغضه.
قال في (المجمع) في سياق معاني الآية: وقيل هو رد على المنافقين والمعنى ليس لاحد قلبان يؤمن بأحدهما ويكفر بالاخر، ثم قال: وقيل يتصل بما قلبه، والمعنى انه لا يمكن الجمع بين اتباعين متضادين بين اتباع الوحي والقرآن واتباع أهل الكفر والطغيان.
(٢٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 257 258 259 260 261 262 263 264 265 266 267 ... » »»
الفهرست