(1) نشأة الشيعة والتشيع ان الشيعة (1) والتشيع حدث في صدر الاسلام وفي زمن رسول الله صلى الله عليه وآله * (هامش) * (1) الشيعة: لغة بمعنى الاتباع والأنصار ولقد كان هذا اللقب يطلق منذ زمن القديم على اتباع الأنبياء والأوصياء، فيقال شيعة نوح، شيعة موسى، شيعة (إليا...) وهكذا.
قال الله تبارك وتعالى: (وإن من شيعته لإبراهيم) (الصافات (37): 83).
وقال عز من قائل: (فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه) (القصص (28): 15).
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: (يا علي ذكرك وذكر شيعتك في التورية بكل خير قبل أن يخلقوا وكذلك في الإنجيل فإنهم يعظمون (إليا) وشيعته، يا علي ذكر شيعتك في السماء أكثر من ذكرهم في الأرض). (راجع حديث فضل بن محمود الفارسي عن أبي عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم).
وأيضا قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (ذكرك في التورية وذكر شيعتك قبل أن يخلقوا بكل خير وكذلك في الإنجيل فاسأل أهل الإنجيل وأهل الكتاب يخبرونك عن (إليا) مع علمك بالتورية والإنجيل وما أعطاك الله عز وجل من علم الكتاب وإن أهل الإنجيل ليتعاظمون (إليا) وما يعرفونه وما يعرفون شيعته، وإنما يعرفونهم بما يجدونهم في كتبهم، يا علي إن أصحابك ذكرهم في السماء أكبر وأعظم من ذكر أهل الأرض لهم بالخير). (راجع حديث القاسم عن جده عن أبي عبد الله عن آبائه عن رسول الله صلى الله عليه وآله).
ومن ذلك لا بد من التهني والتسري بهذا الاسم وعدم المبالات بتشنيع المخالفين به كما عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: ليهنكم الاسم، قلت: ما هو جعلت فداك؟ قال: (وإن من شيعته لإبراهيم) وقوله: (فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه) فليهنكم الاسم. (راجع الحديث وتفسيره في أحاديث أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام).
وكذلك تسميتهم بالرافضة فإنهم رفضوا فرعون هذه الأمة وقومه لما استبان ضلاله فلحقوا بهارون هذه الأمة لما استبان لهم هداه.
وما يرى من بعض المعاندين من تشنيع الشيعة بذلك ظنا بهم أن ذلك نيل الشيعة فهو مع جهلهم وعماهم وغفلتهم عن كون ذلك مدحا لهم وثناء ومن ذلك ألقمهم الإمام الصادق الناطق بالحق حجرا دامغا بقوله عليه السلام.
(لا والله ما هم سموكم به بل إن الله سماكم به، أما علمت يا أبا محمد أن سبعين رجلا من بني إسرائيل رفضوا فرعون وقومه لما استبان لهم هداه، فسموا في عسكر موسى الرافضة، لأنهم رفضوا فرعون، وكانوا أشد أهل ذلك العسكر عبادة، وأشدهم حبا لموسى وهارون وذريتهما، فأوحى الله عز وجل إلى موسى أن أثبت لهم هذا الاسم في التورية فإني قد سميتهم به، ونحلتهم إياه، فاثبت موسى عليه السلام الاسم لهم، ثم ادخر الله عز وجل لكم هذا الاسم حتى نحلكموه، يا أبا محمد رفضوا الخير، ورفضتم الشر بالخير، تفرق الناس كل فرقة وتشعبوا كل شعبة، فانشعبتم مع أهل بيت نبيكم محمد صلى الله عليه وآله فذهبتم حيث ذهب الله (ذهبوا - بحار الأنوار) واخترتم من اختار الله وأردتم من أراد الله). (راجع حديث سليمان الديلمي عن أبي عبد الله عليه السلام).
ارتعاد فرائص عمار الدهني وبكائه عند قولهم له: يا رافضي الإمام العسكري: قيل للصادق عليه السلام: إن عمار الدهني شهد اليوم عند ابن أبي ليلى قاضي الكوفة بشهادة، فقال له القاضي:
قم يا عمار فقد عرفناك، لا تقبل شهادتك، لأنك رافضي، فقام عمار وقد ارتعدت فرائصه، واستفرغه البكاء، فقال له ابن أبي ليلى: أنت رجل من أهل العلم والحديث إن كان يسؤك أن يقال لك (رافضي) فتبرء من الرفض، فأنت من إخواننا.
فقال له عمار: يا هذا ما ذهبت والله حيث ذهبت، ولكني بكيت عليك وعلي: أما بكائي على نفسي فإنك نسبتني إلى رتبة شريفة لست من أهلها، زعمت إني رافضي، ويحك لقد حدثني الصادق عليه السلام:
إن أول من سمى الرافضة (الرافضة - بحار الأنوار) السحرة الذين لما شاهدوا آية موسى عليه السلام في عصاء آمنوا به ورضوا به واتبعوه ورفضوا أمر فرعون، واستسلموا لكل ما نزل بهم، فسماهم فرعون الرافضة لما رفضوا دينه).
فالرافضي من رفض كلما كرهه الله، تعالى وفعل كل ما أمره الله، فأين في الزمان مثل هذا؟
فإنما بكيت على نفسي خشية أن يطلع الله تعالى على قلبي، وقد تقبلت هذا الاسم الشريف على نفسي، فيعاتبني ربي عز وجل ويقول: يا عمار أكنت رافضا للأباطيل، عاملا للطاعات كما قال لك؟ فيكون ذلك تقصيرا بي في الدرجات ان سامحني، وموجبا لشديد العقاب علي أن ناقشني، الا يتداركني موالي بشفاعتهم.
وأما بكائي عليك، فلعظم كذبك في تسميتي بغير اسمي، وشفقتي الشديدة عليك من عذاب الله تعالى إن صرفت أشرف الأسماء إلى أن جعلته من أرذلها كيف يصبر بدنك على عذاب الله وعذاب كلمتك هذه؟
فقال الصادق عليه السلام: لو أن على عمار من الذنوب ما هو أعظم من السماوات والأرضين لمحيت عنه بهذه الكلمات: وأنها لتزيد في حسناته عند ربه عز وجل حتى يجعل كل خردلة منها أعظم من الدنيا ألف مرة. (تفسير الامام: 311 - 312، بحار الأنوار: 8 / 301، تفسير البرهان: 4 / 22).
الشيعة: في الاصطلاح والشايع عند الناس وشاع الشيعة في الاسلام على كل من يتولى عليا وأهل بيته بحيث صار التشيع اسما خاصا لهم وعلما بالغلبة، وقد صرح بذلك جمع كثير من أهل اللغة.
قال ابن الأثير: وقد غلب هذا الاسم على كل من يزعم أنه يتولى عليا رضي الله عنه وأهل بيته حتى صار لهم اسما خاصا، فإذا قيل فلان من الشيعة عرف أنه منهم وفي مذهب الشيعة كفا أي عندهم وتجمع الشيعة على أشياع وأصلها من المشايعة وهي المتابعة. (النهاية: 2 / 246).
وقال الفيروز آبادي: شيعة الرجل بالكسر اتباعه وأنصاره... وقد غلب هذا الاسم على من يتولى عليا وأهل بيته حتى صار اسما لهم خاصا والجمع أشياع وشيع كعنب (قاموس اللغة ذيل لغة شيع).
ومثله بعينه في (لسان العرب 10 / 55) والمصباح المنير والصحاح.
إن شيعة علي وأهل البيت هو التابع لهم في معالم الدين والأصول والفروع والاخلاف والتفسير وكل ما يحتاجون إليه من أمور الدين.
فمن الغريب المضحك ما في (الصواعق المحرقة) من أن الشيعة بمعنى أهل السنة وسيأتي نص كلامه ذيل الأحاديث التالية عنه (ذيل حديث عبد الله بن أبي نجى عن أمير المؤمنين عن رسول الله صلى الله عليه وآله، وليت شعري هل يكون من شيعة علي من لا يرجع إلى أهل البيت بل يرجع إلى الخوارج والمرجئة؟ أو هل من شيعته مثل ابن حجر وابن خلدون القائل بأن شيعة أهل البيت شواذ مبتدعون، وهل من شيعته مثل ابن حزم الذي لا يرى لهم نفعا في علم وعمل....