فإن قال قائل: فهلا حسن ظن عثمان برواية أبي بكر في مبدأ الأمر فلم يكن رسولا لزوجات النبي (صلى الله عليه وآله) في طلب الميراث، قيل له: يجوز أن يكون في مبدأ الأمر شاكا ثم يغلب على ظنه صدقه لأمارات اقتضت تصديقه، وكل الناس يقع لهم مثل ذلك.
هنا هنا إشكال آخر وهو ان عمر ناشد عليا والعباس: هل تعلمان ذلك؟ فقالا:
نعم، فإذا كانا يعلمانه فكيف جاء العباس وفاطمة إلى أبي بكر يطلبان الميراث على ما ذكره في خبر سابق على هذا الخبر وقد أوردناه نحن؟ وهل يجوز أن يقال:
كان العباس يعلم ذلك ثم يطلب الإرث الذي لا يستحقه؟ وهل يجوز أن يقال: إن عليا (عليه السلام) كان يعلم ذلك ويمكن زوجته أن تطلب مالا تستحقه؟ خرجت من دارها إلى المسجد ونازعت أبا بكر، وكلمته بما كلمته إلا بقوله واذنه ورأيه؟!
وأيضا فإنه إذا كان (صلى الله عليه وآله) لا يورث فقد أشكل دفع آلته ودابته وحذائه إلى علي (عليه السلام) لأنه غير وارث في الأصل، وإن كان إعطائه ذلك لأن زوجته بعرضة أن ترث لولا الخبر، فهو أيضا غير جائز، لأن الخبر قد منع من أن يرث منه شيئا قليلا كان أو كثيرا.
فإن قال قائل: إن الخبر (نحن معاشر الأنبياء لا نورث ذهبا ولا فضة ولا أرضا ولا دارا ولا عقارا) قيل: هذا الكلام يفهم من مضمونه انهم لا يورثون شيئا أصلا، لأن عادة العرب جارية بمثل ذلك، وليس يقصدون نفي ميراث هذه الأجناس المعدودة دون غيرها، بل يجعلون ذلك كالتصريح بنفي أن يورثوا شيئا ما على الإطلاق.
وأيضا فإنه جاء في خبر الدابة والآلة والحذاء انه روي عن النبي (صلى الله عليه وآله): (لا نورث ما تركناه صدقة) ولم يقل لا نورث كذا ولا كذا، وذلك يقتضي عموم انتفاء الإرث عن كل شئ (1).
وهذا إشكال آخر وهو قول عمر لعلي (عليه السلام) والعباس: وأنتما حينئذ