اني فيها بار راشد تابع للحق.
ثم جئتماني وكلمتكما واحدة وأمركما جميع، فجئتني - يعني العباس - تسألني نصيبك من ابن أخيك، وجاءني هذا - يعني عليا - يسألني نصيب امرأته من أبيها، فقلت لكما: ان رسول الله قال لا نورث ما تركناه صدقة.
فلما بدا لي أن أدفعها إليكما قلت: دفعتها على أن عليكما عهد الله وميثاقه لتعملان فيها بما عمل رسول الله وأبو بكر، وبما عملت به فيها وإلا فلا تكلماني، فقلتما: إدفعها إلينا بذلك، فدفعتها إليكما بذلك أفتلتمسان مني قضاء غير ذلك، والله الذي تقوم باذنه السماوات والأرض لا أقضي بينكما بقضاء غير ذلك حتى تقوم الساعة، فإن عجزتما عنها فادفعاها إلي فأنا أكفيكما (1).
ثم روى عن الزهري انه قال: حدثني مالك بن أوس بن الحدثان بنحوه، قال:
فذكرت ذلك لعروة فقال: صدق مالك بن أوس أنا سمعت عائشة تقول: أرسل أزواج النبي عثمان بن عفان إلى أبي بكر يسأل لهن ميراثهن من رسول الله مما أفاء الله عليه حتى كنت أردهن عن ذلك، فقلت: ألا تتقين الله؟ ألم تعلمن أن رسول الله كان يقول لا نورث ما تركناه صدقة - يريد بذلك نفسه - إنما يأكل آل محمد من هذا المال؟! فانتهى أزواج النبي إلى ما أمرتهن به (2).
قال ابن أبي الحديد: قلت: هذا مشكل لأن الحديث الأول يتضمن أن عمر أقسم على جماعة فيهم عثمان فقال: نشدتكم الله ألستم تعلمون ان رسول الله قال لا نورث ما تركناه صدقة - يعني نفسه -؟ فقالوا: نعم، ومن جملتهم عثمان فكيف يعلم بذلك ويكون مترسلا لأزواج النبي (صلى الله عليه وآله) إلى أبي بكر يسأله أن يعطيهن الميراث، اللهم إلا أن يكون عثمان وسعد وعبد الرحمن والزبير صدقوا عمر على سبيل التقليد لأبي بكر فيما رواه وحسن ظن وسموا ذلك علما، لأنه قد يطلق على الظن اسم العلم.