اللمعة البيضاء - التبريزي الأنصاري - الصفحة ٧٦٨
فعل الله، وما كان يشاء شيئا إلا أن يشاء الله، وهذه المقدمة لا ريبة فيها ولا شبهة تعتريها، بل هي ضرورية بديهية عند أهل الشريعة.
الثانية: انه لا شك في عصمة فاطمة الزهراء (عليها السلام) ومعصوميتها وطهارتها من كل معصية ورذيلة، اما عندنا فللأخبار المتواترة من طرق أصحابنا، والإجماع القطعي بل الضرورة، وقد ورد في فضلها (عليها السلام) بخصوصها أو في ضمن أهل بيت العصمة والطهارة مالا يعد ولا يحصى من الأخبار والآثار حتى صار كالشمس في رابعة النهار، وقد مر نبذ منها في مقدمة الكتاب، وهو في الحقيقة فصل الخطاب عند أولي الألباب.
وأما عند العامة فكذلك أيضا، وقد اتفق أعاظمهم وفاقا لنا على أن آية التطهير الدالة على العصمة والطهارة - الخلقية والخلقية - والنظافة الجبلية الأصلية إنما نزلت في فاطمة وسائر أهل البيت (عليهم السلام) من أهل الكساء، ولبيان تفصيل كيفية الاستدلال بها على المدعى محل آخر لا حاجة لنا إليه بل مطلقا لما أشير إليه من عدم الكلام في معصوميتها (عليها السلام) بين الأمة (1).

(1) ولكن مع الأسف الشديد تكلم في الآونة الأخيرة بعض من ليس له تحصيل ولا فضيلة حول عصمة الصديقة الطاهرة الشهيدة (عليها السلام)، وهو وإن لم يمكنه نفي العصمة عنها ولكنه حاول التشكيك فيها ببيانه وبنانه الخاسر، حيث قال: ((ان العصمة التي تجلت في الزهراء (عليها السلام) قد أنتجتها البيئة والمحيط الايماني الذي عاشت وترعرعت فيه، لأنها كانت بيئة الايمان والطهر والفضيلة والصلاح)) وهذا القول يستتبع سؤالات عديدة، فلو عاشت الزهراء (عليها السلام) في غير هذه البيئة وفي محيط ملوث بالرذيلة والموبقات، أو لو عاش غيرها في هذه البيئة بالذات، فماذا سوف يحدث، وهذا القول يستلزم نفي العصمة التكوينية.
ولأجل هذه الشبه تصدى علماؤنا لإزاحتها، وألفوا في ردها كتبا ورسائل قيمة نحو كتاب (الملاحظات) وكتاب (مأساة الزهراء) وغير ذلك.
واما بالنسبة إلى خصوص عصمة الزهراء (عليها السلام) فتكفينا آية التطهير، وهي قوله تعالى: ((انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت وطهركم تطهيرا)) مضافا إلى أحاديث كثيرة وردت في هذا الموضوع نحو ما جاء في زيارتها (عليها السلام): ((السلام على البتولة الطاهرة، والصديقة المعصومة)) [البحار 100: 197]، وأيضا: ((السلام عليك أيتها المعصومة المظلومة)) وفيه أيضا: ((... وصل على البتول الطاهرة الصديقة المعصومة)) [البحار 100:
200]، وأيضا: ((اللهم صل على السيدة المفقودة الكريمة... المعصومة من كل سوء)) [البحار 102: 220]، وما جاء أيضا في حديث ولادتها حيث قالت النسوة: ((خذيها يا خديجة طاهرة معصومة)) [العوالم 11: 59]، وما ورد عن الإمام الباقر (عليها السلام) انه قال: انما سميت فاطمة بنت محمد الطاهرة لطهارتها من كل دنس... [العوالم 11: 82 عن مصباح الأنوار]، وعنه (عليه السلام) أيضا قال: المعصومون منا خمسة: رسول الله، وعلي، وفاطمة، والحسن، والحسين (عليهم السلام). [العوالم 11: 86]، وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) أيضا: منا خمسة معصومون، قيل: يا رسول الله من هم؟ قال: أنا وعلي وفاطمة والحسن والحسين. [العوالم 11: 86].
هذا غيض من فيض ولو أردنا المزيد لطال بنا المقام، فتلخص ان عصمتها (عليها السلام) لا ترتبط بالبيئة والجو الحاكم بها ومعاشرتها مع رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فانا نرى بعض أزواج رسول الله (صلى الله عليه وآله) عشن معه مدة مديدة من سنين مبكرة ولكن لم تنفعهن هذه العشرة، فخالفن قوله وخرجن لمحاربة وصيه وفعلن ما فعلن عند دفن الإمام الحسن الزكي (عليه السلام)، حتى قال علي (عليه السلام) بعد وقعة البصرة: ((واما فلانة فأدركها رأي النساء وضغن غلافي صدرها كمرجل القين، ولو دعيت لتنال من غيري ما أتت إلي لم تفعل)) [نهج البلاغة الخطبة: 156]، وقال العلامة المجلسي (رحمه الله) في البحار 32:
242 بعد هذا الحديث: ((من أسباب حقدها... إكرام رسول الله (صلى الله عليه وآله) لفاطمة (عليها السلام) وحسدها عليها)).
(٧٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 763 764 765 766 767 768 769 770 771 772 773 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 لمحة عن حياة المؤلف 5
2 اسمه ونسبه: 5
3 حياته العلمية: 5
4 أقوال أصحاب التراجم في حقه: 6
5 أولاده وذراريه: 7
6 آثاره وتأليفاته: 7
7 شعره وأدبه: 10
8 وفاته: 17
9 منهج التحقيق: 17
10 بعض فضائل خديجة الكبرى 22
11 بعض فضائل الزهراء (عليها السلام) 23
12 عدم جواز الفصل بين النبي والآل 27
13 الفرق بين أولاد فاطمة وغيرهم 32
14 " تتميم ": الكلام في أن ولد البنت ولد 36
15 كلام ابن أبي الحديد في الحسنين 42
16 الكلام في بعض فضائل الزهراء (عليها السلام) 43
17 تتميم الكلام في بعض فضائل الزهراء (عليها السلام): 52
18 ذكر المقامات الأربعة للمعصومين 62
19 فصل: في أن عليا نفس رسول الله 66
20 " تمهيد مقال لبيان حال " 71
21 صور الوضع اللفظي 77
22 في طهارة دم المعصومين 84
23 الأخبار الدالة على طهارة دم المعصوم 90
24 فصل في أسماء فاطمة الزهراء (عليها السلام) 95
25 الأخبار في تسميتها بفاطمة 95
26 الأخبار في تسميتها بالزهراء 104
27 الأخبار في تسميتها بالإنسية الحوراء 113
28 الفرق بين الملك والجن والشيطان 117
29 في كونها (عليها السلام) أم أبيها 122
30 في وجه تكنية الحسين (عليه السلام) بأبي عبد الله 127
31 سائر ألقابها وكناها (عليها السلام) 131
32 في تسميتها ببضعة الرسول 131
33 في تسميتها بمشكاة الضياء وفي تفسير آية النور 144
34 تفصيل في بيان التمثيل: 151
35 تتميم الكلام بكلام أربعة نفر من الأعلام: 160
36 تحقيق من المصنف 169
37 في تسميتها (عليها السلام) بسيدة النساء 177
38 في تسميتها (عليها السلام) بأم الأئمة 185
39 في تسميتها (عليها السلام) بالمحدثة 195
40 في تسميتها (عليها السلام) بالبتول 201
41 تكميل: في باقي أسمائها (عليها السلام) 203
42 في بيان الفواطم 206
43 فصل في فضائل الأئمة (عليهم السلام) 208
44 فصل في ولادة الزهراء (عليها السلام) 227
45 في فضائل خديجة سلام الله عليها 230
46 في تاريخ ولادة الزهراء (عليها السلام) ومدة عمرها 233
47 تتميم: في خصائصها وبعض معجزاتها 234
48 عقد مفصل بالشذور في عقد النور من النور: 237
49 فصل: في خطبتها (عليها السلام) 237
50 فصل: في تزويجها في السماء 244
51 فصل: في تزويجهما في الأرض 252
52 فصل: مجيء الأصحاب بالتحف والهدايا 261
53 فصل في أولاد فاطمة (عليها السلام) 279
54 فصل في نقش خاتمها وأدعيتها (عليها السلام) 284
55 فصل وأما الكلام في ذكر فدك والعوالي وغصبها عنها 292
56 فصل: العلة في غصب فدك والعوالي 304
57 فصل في ذكر احتجاجات فاطمة (عليها السلام) 309
58 مصادر الخطبة الشريفة 317
59 دفع إشكالين 321
60 الشروع في شرح الخطبة 326
61 في معنى الإجماع 327
62 كتاب تبع اليمن إلى النبي (صلى الله عليه وآله) 338
63 فصل الأخبار في دعوى فدك 746
64 الفصل الأول 767
65 الفصل الثاني 782
66 دفع إشكالين: 823
67 " تنبيه " 843
68 في بيان حالات الزهراء (عليها السلام) ووفاتها 847
69 خاتمة " في تظلمها يوم القيامة وكيفية مجيئها إلى المحشر " 891