فيها خائنا فاجرا، والله لقد كان فيها مطيعا تابعا للحق، ثم توفى أبو بكر فقبضتها فجئتما تطلبان ميراثكما، اما أنت يا عباس فتطلب ميراثك من ابن أخيك، واما علي فيطلب ميراث زوجته من أبيها، وزعمتما اني فيها خائن وفاجر والله يعلم اني فيها مطيع تابع للحق، فأصلحا أمركما وإلا والله لم ترجع إليكما، فقاما وتركا الخصومة وأمضيت الصدقة (1).
وعن مالك بنحوه وقال في آخره: فغلب علي عباسا عليها، فكانت بيد علي (عليه السلام)، ثم بيد الحسن، ثم بيد الحسين، ثم علي بن الحسين، ثم الحسن بن الحسن، ثم زيد بن الحسن (2).
قلت: وهذا الحديث يدل صريحا على أنهما جاءا يطلبان الميراث لا الولاية، وهذا من المشكلات لأن أبا بكر حسم المادة أولا وقرر عند العباس وعلي وغيرهما ان النبي (صلى الله عليه وآله) لا يورث، وكان عمر من المساعدين له على ذلك، فكيف يعود العباس وعلي بعد وفاة أبي بكر يحاولان أمرا قد كان قد فرغ منه ويئس من حصوله، اللهم إلا أن يكونا ظنا أن عمر ينقض قضاء أبي بكر في هذه المسألة، وهذا بعيد لأن عليا والعباس كانا في هذه المسألة يتهمان عمرا بموالاة أبي بكر على ذلك، ألا تراه يقول: نسبتماني ونسبتما أبا بكر إلى الظلم والخيانة، فكيف يظنان انه ينقض قضاء أبي بكر وتوريثهما؟ (3).
إنتهى ما ذكره ابن أبي الحديد من روايات أبي بكر الجوهري مع ما علقه عليها في بعض الموارد - على ما مرت إليه الإشارة -.
وهذه الأخبار المذكورة في المقامين نبذة يسيرة من الأخبار الواردة من طرق الخاصة والعامة في المسألتين، وهذه الجملة كافية فيما نحن بصدده من تمهيد المقدمة بذكر ما يحتاج إليه عند بيان مسألتي المخاصمة.