وفي رواية أخرى عن أبي هريرة، عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: لا يقسم ورثتي دينارا ولا درهما ما تركت بعد نفقة نسائي ومؤنة عيالي فهو صدقة (1).
قال ابن أبي الحديد: قلت: وهذا حديث غريب لأن المشهور انه لم يرو حديث انتفاء الإرث إلا أبو بكر وحده (2).
وروى عن أبي الطفيل قال: أرسلت فاطمة إلى أبي بكر: أنت ورثت رسول الله أم أهله؟ قال: بل أهله، قالت: فما بال سهم رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ قال:
إني سمعت رسول الله يقول: إن الله أطعم نبيا طعمة ثم قبضه وجعله للذي يقوم بعده، فوليت أنا بعده أن أرده على المسلمين، قالت: أنت وما سمعت من رسول الله أعلم (3).
قال ابن أبي الحديد: قلت: في هذا الحديث عجب، لأنها قالت له: أنت ورثت رسول الله أم أهله؟ قال: بل أهله، وهذا تصريح بأنه (صلى الله عليه وآله) موروث يرثه أهله، وهذا خلاف قوله: (لا نورث) (4).
وروى ابن أبي الحديد أيضا عن كتاب أبي بكر الجوهري بإسناده إلى الزهري، عن مالك بن أوس بن الحدثان: إن عمر بن الخطاب دعاه يوما بعدما ارتفع النهار، قال: فدخلت عليه وهو جالس على رمال سرير ليس بينه وبين الرمال فراش على وسادة ادم، فقال: يا مالك انه قد قدم من قومك أهل أبيات حضروا المدينة، وقد أمرت لهم برضخ (5) فاقسمه بينهم، فقلت: يا أمير المؤمنين مر بذلك غيري، قال: أقسم أيها المرء.