تزعمان ان أبا بكر فيها ظالم فاجر، ثم قال لما ذكر نفسه: وأنتما تزعمان اني فيها ظالم فاجر، فإذا كانا يزعمان ذلك فكيف يزعم هذا الزعم مع كونهما يعلمان أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال (لا أورث) إن هذا لمن أعجب العجائب.
ولولا أن هذا الحديث - أعني حديث خصومة العباس وعلي (عليه السلام) عند عمر - مذكور في الصحاح المجمع [عليها] لما أطلت العجب من مضمونه، إذ لو كان غير مذكور في الصحاح لكان بعض ما ذكرناه يطعن في صحته، وإنما الحديث في الصحاح لا ريب فيه (1).
وروى عن عكرمة، عن مالك بن أوس بن الحدثان قال: جاء العباس وعلى إلى عمر فقال العباس: إقض بيني وبين هذا الكذا وكذا [أي يشتمه]، فقال الناس:
افصل بينهما، فقال: لا أفصل بينهما قد علما أن رسول الله قال: لا نورث ما تركناه صدقة (2).
قلت: وهذا أيضا مشكل لأنهما حضرا يتنازعان لا في الميراث، بل في ولاية صدقة رسول الله (صلى الله عليه وآله) أيهما يتولاها عمالة لا إرثا، وعلى هذا كانت الخصومة، فهل يكون جواب ذلك قد علما ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: لا نورث (3)؟
وروى أيضا عن أبي البحتري قال: جاء العباس وعلي إلى عمر وهما يختصمان، فقال عمر لطلحة والزبير وعبد الرحمن وسعد: أنشدكم بالله أسمعتم رسول الله يقول: كل مال نبي فهو صدقة إلا ما أطعمه أهله إنا لا نورث؟ فقالوا: نعم.
قال: وكان رسول الله يتصدق به ويقسم فضله، ثم توفي فوليه أبو بكر سنتين يصنع فيه ما كان يصنع رسول الله، وأنتما تقولان انه كان بذلك خاطئا، وكان بذلك ظالما وما كان بذلك راشدا، ثم وليته بعد أبي بكر فقلت لكما: إن شئتما قبلتكماه