ربك، فقبضه (1).
وروى العامة في هذا الخبر ان موسى (عليه السلام) لطم ملك الموت في أول الحالة أو وكزه، فأعوره فأعطاه الله عينه، وأرجعه بالوحي المذكور إليه، إلى آخر الرواية (2).
وفي رواية أخرى ان موسى لما لم يطع ملك الموت في قبض روحه سار ذاهبا في الأرض، فرأى أحدا يحفر قبرا، فقال: لمن تحفر هذا القبر؟ قال: لأحد من أولياء الله، قال موسى (عليه السلام) فأعينك على حفره.
فلما تم الحفر قال موسى (عليه السلام): فأنا أرقد فيه فأنظر هل بقي منه نقصان لنتمه، فلما رقد في القبر مستلقيا نزل ملك الموت فقبضه هناك، وكان هذا الحافر واحدا من الملائكة (3).
فانظر ما نسبه أولئك الأنعام إلى الأنبياء العظام، امناء الملك العلام سيما أولو العزم منهم، وليس ذلك بعجيب ممن رأسهم الذنب.
وبالجملة فليس نفس من النفوس الانسانية الا وهي كارهة للموت لا محالة، إذ هو هادم اللذات، ومفرق الجماعات، وموتم البنين والبنات مع استيناس الأرواح إلى الأبدان العنصرية، وميل الطباع البشرية إلى الحياة الدنيوية، ولو مع صفة النبوة والرسالة كطباع الأنبياء والكرام (عليهم السلام) حيث إنهم على شرف مقاديرهم، وعظم أخطارهم ومكانتهم من الله تعالى، ومنازلهم من محال قدسه، وعلمهم بما يؤول إليه أحوالهم، وتنتهي إليه أمورهم، أحبوا الحياة ومالوا إليها، وكرهوا الموت ونفروا منه لما أشير إليه من الاستيناس، إذ انقطاع الانس خطب جسيم وعذاب أليم، بل جميع الآلام الدنيوية والأخروية راجعة إلى انقطاع الانس البتة.