لا محالة، كما أن العمى عدم البصر فإذا لم يكن هناك إنسان له اقتضاء البصر واستعداده فلا يصدق العمى لعدم البصر هناك، مثلا لا يقال للجدار انه أعمى لعدم قابلية فيه للبصر حتى يكون عدمه عمى.
وهكذا فيما نحن فيه، فايجاد الموجود إجبار لا إكراه، واما بالنسبة إلى ما بعد ذلك فاختيار لكن هو أيضا لما كان على طبق أصل الفطرة فيجوز أن يقال انه اضطرار لا اختيار ولا إجبار.
وبعد هذه كلها إذا عرفت جهات المسألة علمت أنه لا مؤثر في الوجود إلا الله سبحانه، مع أن لجميع الموجودات حركة اختيارية لا محالة، إذ لا يكون الخاتمة إلا على طبق الفاتحة، كما قيل: (إلهي إن الكل يخافون من آخر الأمر وعبد الله يخاف من الأول) (1)، ولكن ليس هذا جبرا رافعا للتكليف، ومبطلا للثواب والعقاب كما هو المذهب السخيف بل:
أين نه جبر أين معنى جباريست * ذكر جبارى براى زاريست گر نبودى اختيار أين شدم چيست * أين دريغ و خجلت و آزرم چيست انبيا در كار دنيا جبريند * كافران در كار عقبى جبريند انبيارا كار عقبى اختيار * كافران را كار دنيا اختيار بر درخت جبر تاكى مى جهى * اختيار خويش را يكسو نهى هم چو آن إبليس و ذريات أو * با خدا در جنگ واندر جستجو قال في المصباح: والجبر خلاف القدر، وهو القول بان الله تعالى يجبر عباده على فعل المعاصي، وهو فاسد وتعرف أدلته من علم الكلام، بل هو قضاء الله على عباده بما أراد وقوعه منهم، وهو الجبار لأنه تعالى يفعل في ملكه ما يشاء، ويحكم في خلقه ما يشاء (2).