وقيل: الجبار المتكبر، وفي الحديث: (لا تكونوا علماء جبارين فيذهب باطلكم بحقكم) (1) أو لأنه يجبر الخلق ويقهرهم على بعض الأمور التي ليس لهم فيها اختيار، ولا على تغييرها اقتدار، أو الجبار هو العظيم الشأن في الملك والسلطان، أو المتعظم المتجبر الذي لا يكترث للأمر.
وفي النهاية: الجبار معناه الذي يقهر العباد على ما أراد من أمر أو نهي، وقيل هو العالي فوق خلقه، ومنه نخلة جبارة أي العظيمة التي تفوت منها يد المتناول أو الطويلة كذلك، وفي الحديث في امرأة: (دعوها فإنها جبارة) أي متكبرة عالية عاتية، ومنه الحديث في ذكر النار: (حتى يضع الجبار فيها قدمه).
والمشهور في تأويله ان المراد بالجبار هنا هو الله تعالى، ويشهد له قوله في الحديث الآخر: (حتى يضع رب العزة فيها قدمه)، والمراد بالقدم أهل النار الذين قدمهم الله لها من شرار خلقه، كما أن المؤمنين قدمه أيضا الذين قدمهم للجنة.
وقيل: أريد بالجبار هنا المتمرد العاتي، ويشهد له قوله (عليه السلام) في الحديث الآخر: (إن النار قالت: وكلت بثلاثة: بمن جعل مع الله إلها آخر، وبكل جبار عنيد، وبالمصورين)، وفي الحديث: (كثافة جلد الكافر في النار أربعون ذراعا بذراع الجبار) أراد به ها هنا الطويل، وقيل: يراد من الجبار هنا الملك، كما قد يقال بذراع الملك كناية عن العظم، وقال القتيبي: وأحسبه ملكا من ملوك الأعاجم كان تام الذراع (2).
وبالجملة فالجبر خلاف القدر هو الجبر الباطل الذي هو القول بان الله تعالى يجبر عباده على فعل المعاصي، ومنه الحديث: (لا جبر ولا تفويض بل أمر بين الأمرين، سئل ما الأمر بين الأمرين؟ قال: مثل ذلك رجل رأيته على معصية فنهيته فلم ينته، فتركته ففعل تلك المعصية، فليس حيث لم يقبل منك كنت أنت الذي أمرته بالمعصية) (3).