وهذا كالتوبيخ لهم في أنهم اتبعوا هوى أنفسهم، فأعمى أبصارهم وأغشى أنظارهم، فلم يعرفوا خالقهم ومدبرهم لما وقعوا في تيه الضلالة، وظلمة الغواية والجهالة مع كونهم في أنفسهم أهل العلم والمعرفة.
ويطلق المنكر - بفتح الكاف - على القبيح أي الحرام لعدم معروفيته بين أهل الشرع والإسلام، ومنه قوله تعالى: ﴿إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر﴾ (1).
والمنكر وقع في الخبر كثيرا بمعنى ضد المعروف الذي أشير إليه أي ما قبحه الشارع وحرمه، والمعروف الذي يذكر في مقابله هو الفعل الحسن المشتمل على رجحان فيختص بالواجب والمندوب، فيخرج المباح والمكروه عن الطرفين وإن كانا داخلين في الحسن على وجه، ويمكن إدخال المكروه في المنكر فيخرج المباح أو يدخل في المعروف أيضا.
والنكير: المنكر والإنكار أيضا بكل معنى أشير إليه، ومنكر ونكير أسماء الملكين المشهورين، وقد أنكر بعض أهل الإسلام تسميتها بذلك وقالوا: المنكر هو ما يصدر من الكافر والمتلجلج عند سؤالهما، والنكير ما يصدر عنهما من التفريع له، فليس للمؤمن منكر ونكير عند هؤلاء، والأحاديث الصحيحة المتظافرة صريحة في خلافهم.
وربما كانت التسمية لأدنى ملابسة، وذلك لصدور النكير والمنكر عنهما على غير المؤمن عند المسألة، أو ان وجه التسمية انهما يظهران للكافر بهيئة منكرة، فأحدهما المنكر وهو الأكبر، والآخر النكير بمعنى المنكور وهو الأصغر.
والنكرة - بالتحريك - الاسم من الإنكار كالنفقة من الإنفاق، ومنه الحديث:
(أوحى الله إلى داود (عليه السلام) اني قد غفرت ذنبك، وجعلت عار ذنبك على بني إسرائيل، فقال: كيف يا رب وأنت لا تظلم؟ قال: إنهم لم يعاجلوك بالنكرة) (2)،