ويحتمل أن يكون المراد أنها كانت مصونة عن الأهاويل بستر العدم، إذ هي انما تلحقها بعد الوجود، وقيل: التعبير بالأهاويل من قبيل التعبير عن درجات العدم بالستور وبالظلمات.
و (نهاية) الشيء ما ينتهى إليه وهي غايته أي أقصاه وآخره، ونهاية الدار حدودها وهي أقاصيها وأواخرها، وانتهى الأمر أي بلغ النهاية، وهي أقصى ما يمكن أن يبلغه.
وقوله تعالى: ﴿إن إلى ربك المنتهى﴾ (1) قيل: معناه إذا انتهى الكلام إليه فانتهوا، وتكلموا فيما دون العرش ولا تكلموا فوقه، فإن قوما تكلموا فيما فوق العرش فتاهت عقولهم، وله معان اخر يعرفها أهلها.
وسدرة المنتهى أي سدرة ينتهى بالوصول إليها، ولا يتجاوزها علم الخلائق من البر والملائكة، ولا يتجاوزها أحد من الملائكة والرسل، مفتعل من النهاية بمعنى الغاية.
وأصل النهاية من النهى، إذ غاية الشيء لا يبلغ إليها غالبا، فكأنها منهي عنها، ونهاية العدم أبعد مراتبه المفروضة، وكون الأشياء مقرونة بنهاية العدم كونها أبعد من الوجود في الغاية، وان بينها وبين الوجود غاية النهاية، وهذه أيضا كناية بليغة عن كونها معدومة.
قولها (عليها السلام): ((علما من الله بمائل الأمور، وإحاطة بحوادث الدهور، ومعرفة بمواقع المقدور)).
المائل فاعل من مال عن الطريق يميل ميلا أي حاد عنه وانحرف، والمائل الأمر الغير المستقيم، والمراد ان الله تعالى سمى نبيه أي قرر خلقته، وعينه باسمه ورسمه لهداية خلقه لعلمه بعدم استقامة أمور خلقه بدونه، وانهم يضلون الطريق بدون الاستضاءة بنوره.