الشهادة، كما أن ما وراء الجدار غيب وما دونه الشهادة.
وكل مكان لا تعلم ما فيه ولا تشاهده فهو عالم الغيب باعتبار، والمكان المشاهد فيه الشيء في نظرك عالم الشهادة، والبرزخ عالم الغيب لأهل الدنيا، والدنيا عالم الشهادة، وكذلك الآخرة بالنسبة إلى أهل البرزخ، وهكذا حال جميع العوالم الإلهية، فتكثر حينئذ وتختلف العوالم الغيبية والشهودية، وهو عالم الغيب والشهادة العزيز الحكيم بمعنى عالم كل غيب وشهادة بخلاف غيره.
و (المكنونة) من الكن بمعنى السترة، واحد الأكنان في قوله تعالى: ﴿وجعل لكم من الجبال أكنانا﴾ (1) ومنه كن الرجل بمعنى بيته ومنزله لاكتنانه فيه، وفي المقامات الحريرية:
(بيني وبين كنى ليل وأمسى وطريق طامس) والأكنة جمع كنان بمعنى الغطاء كقوله تعالى: (وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه) (2) أي أغطية، ومنه كنانة لجعبة السهام لاستتارها فيها، وكننت الشيء سترته وصنته من الشمس وأكننته في نفسي، قال أبو زيد: كننته وأكننته في الكن والنفس جميعا بمعنى، فهو مكنون ومكن (3).
وبيض مكنون أي مصون عن اللمس، ونحوه كتاب مكنون أي محفوظ ومستور عن الخلق، وكون الخلائق بالغيب مكنونة كناية عن كونها معدومة، وسيظهر لك وجه هذه الكناية.
و (الستر) بالكسر واحد الستور والإستار، والسترة - بالضم - ما يستتر به كالغرفة، وكذلك الستارة - بالكسر والتخفيف - وفعالة وزن مشهور لما يفعل به كاللفافة والكناية والعمامة والستارة وغيرها، وقد يحذف التاء كاللباس والكتاب والستار، ونظيرها فعالة - بالضم - لما يفعل كالجعالة والقمامة والكناسة، وروي